الكويت، 5 مايو 2020 (csrgulf): ألاف الأسر العربية مهددة بفقدان مصدر اعالتها وقد يكون الوحيد، وذلك بعد توقع انخفاض حاد للتحويلات المالية للعمال المهاجرين العرب. وهو ما قد ينذر بأزمة اجتماعية خانقة لعشرة الالاف من الأسر.
ومن المرجح أن ينخفض بشكل حاد وغير مسبوق تدفق التحويلات المالية للمهاجرين العرب الى بلدانهم بسبب توقف عشرات الآلاف منهم عن عملهم جراء الاغلاق الكبير لاقتصادات أكثر الدول المستضيفة للعرب المهاجرين عموماً خاصة في القارة الأوروبية والأمريكية ومنطقة الخليج وذلك بسبب تداعيات اجراءات الحد من تفشي وباء كورونا.
وتوقع رصد مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) أن يكون تراجع تحويلات المغتربين في العالم بشكل أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية. حيث أن توقف مؤسسات كثيرة عن النشاط سيدفع بعضها الى التعثر في دفع رواتب الموظفين، وهو ما سينعكس سلباً على تحويلات المغتربين بسبب تراجع قدرة الأفراد على الادخار. الى ذلك، تقلصت فرص نسبة كبيرة من العمالة غير المنتظمة لمزاولة الأعمال اليومية الحرة وبالتالي انعكس ذلك سلباً على تراجع الدخل الفردي في الدول الموظفة للمهاجرين العرب.
على صعيد متصل، قد تدفع فترات الاغلاق الطويلة جراء الوباء، العديد من الشركات الى زيادة توقع تعثر مالي يضطر بعضها الى اتخاذ قرارات صعبة كزيادة تسريح موظفيها وخاصة من المهاجرين مقارنة بالعمالة الوطنية. حيث أن موجة تسريحات للموظفين عبر العالم تلوح في الأفق وبدأت بالفعل في بعض الدول حسب تأكيد البنك الدولي جراء زيادة تعثر مرجح لعدد كبير من المؤسسات خاصة الصغيرة والمتوسطة عبر العالم، وهو ما قد يدفع بعض الشركات الى مواجهة الانهيار أو التصفية أو الاندماج على غرار الأزمة المالية العالمية 2008 مالم تسارع الحكومات في تفعيل خطط انقاذ اقتصادية حقيقية.
ومن المتوقع أن تنخفض التحويلات العالمية عموما بشكل حاد بنحو 20 في المائة في عام 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء COVID-19 وإغلاقه لأكبر اقتصادات العالم، ويرجع الانخفاض المتوقع والذي سيكون أكبر انخفاض لتحويلات المهاجرين في التاريخ الحديث، إلى حد كبير إلى انخفاض أجور العمال المهاجرين ونسبة توظيفهم، وما هو أسوأ الانخفاض المتوقع لتحويلات المهاجرين إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل والذي قدر بنسبة 19.7 في المئة، مما يمثل خسارة في شريان الحياة الأساسي لتمويل نفقات العديد من الأسر الضعيفة[1].
ومن المرجح أن طول فترة تداعيات الوباء قد تقلص بشكل أكبر وتدريجي تحويلات المهاجرين، حيث سيفقد الكثير منهم القدرة على ادخار الأموال بسبب استنزاف مدخراتهم في الانفاق الاستهلاكي طيلة فترات الحجر الصحي التي فاقت في أغلب دول العالم أكثر من 3 أشهر ومازالت مستمرة، وهي فترة طويلة قياساً لتكلفة المعيشة دون دخل مكافئ.
وتدفع مؤشرات أخرى لتوقعات تراجع تحويلات المهاجرين المالية أبرزها احتمال ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير بين المهاجرين بسبب تباطء النمو في اقتصادات الدول المستضيفة خاصة في مرحلة ما بعد الوباء، فضلا عن توقع زيادة موجة احتجاجات اجتماعية قد تعيق استئناف عمل الشركات والمؤسسات بشكل سلس وهو ما قد يؤخر التعافي الاقتصادي وعودة حركة التوظيف الى وتيرة ما قبل الوباء.
وقد يترتب عن تراجع تحويلات المغتربين العرب أيضاً تعميق الأزمة الاجتماعية لعشرات الالاف من الأسر في العالم العربي التي يعول كثير منها على تحويلات ذويها من العمال المهاجرين، كما قد يقود ذلك الى زيادة نسبة الفقر ما قد يتسبب في احتقان شعبي قد يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في دول عربية كثيرة على المدى القريب. كما يشكل عامل ضغط جديد على الحكومات العربية خاصة المعولة على تحويلات المغتربين من العملة الصعبة.
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
الهوامش:
[1] World Bank Predicts Sharpest Decline of Remittances in Recent History, WASHINGTON, April 22, 2020, https://www.worldbank.org/en/news/press-release/2020/04/22/world-bank-predicts-sharpest-decline-of-remittances-in-recent-history