الكويت 17 أغسطس 2020 (csrgulf): في حين يستمر تسجيل الكويت لأرقام قياسية لمتوسط ذروة الحرارة المرتفعة سنوياً على المستوى العالمي والعربي، ما يزال التدخل الحكومي بطيئا في التعامل مع حدة تداعيات الارتفاع المستمر للحرارة وزيادة التعرض لظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت تطال الصحة الإنسانية والمرافق الحيوية والثراوت الطبيعية. ومن غير المستبعد أيضا أن تتعرض منشآت كويتية لزيادة خطر الحرائق بسبب تأثيرات الحرارة فوق المعدلات الطبيعية.
وعلى صعيد متصل، من المرجح أن المنوال الاقتصادي الكويتي يعمق من مسببات زيادة التعرض للاحتباس الحراري، حيث تستمر الأنشطة الصناعية الملوثة في ظل توسع خلل التوازن البيئي مع محدودية تنمية المساحات الخضراء وضعف حماية الثروات البحرية ومحدودية جهود استصلاح الأراضي الزراعية.
وان استمر التباطؤ الحكومي في سرعة الاستجابة للتداعيات المستقبلية للتغيرات المناخية الحالية التي تشهدها أغلب دول العالم بما فيها الكويت، فقد تزيد حدة مخاطر التصحر على الاراضي الزراعية أو الاسكانية وهو ما قد يؤدي الى ظاهرة زيادة هجرة السكان في المناطق الصحراوية. الى ذلك بزرت زيادة حدة خطر نشاط العواصف الرملية التي قد تزيد من نسبة التصحر وخطر زحف الرمال الذي قد يهدد البنى التحتية كالطرقات.
وقد زادت أيضا تهديدات تسارع نسبة جفاف التربة وتقلص المخزون المائي في دول عربية أبرزها الكويت التي تواجه زيادة مقلقة لمخاطر جفاف المسطحات المائية والمياه الجوفية العذبة.
وما يثير القلق أيضاً على المدى القريب زيادة تعرض مدن كويتية ذات كثافة سكانية عالية لموجات حرارة قياسية تتعدى عتبة 50 درجة، وقد يزيد استمرار تعرضها لمعدلات قياسية لدرجات الحرارة من تهديد الصحة العامة للسكان ما يفرض الحاجة الملحة لتصورات مستقبلية لإحداث إجراءات عاجلة تتكيف مع متغيرات حرارة الصيف في الكويت على مستوى تنظيم العمل والجولان. حيث تتوقع الأرصاد العالمية استمرار ارتفاع متسوط الحرارة سنوياً.
ويُظهر ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحديًا مناخيا هائلاً، حيث كشفت بيانات جديدة صادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أنه من المرجح أن تكون درجة الحرارة العالمية السنوية أكثر دفئًا بمقدار درجة مئوية واحدة على الأقل من مستويات ما قبل عصر الصناعة. هذا التوقع هو من بين أحدث النتائج الواردة في آخر تحديث مناخي عالمي سنوي من الأمم المتحدة، والذي يظهر أيضًا أن درجة الحرارة قد تتجاوز 1.5 درجة مئوية في عام واحد على الأقل من الآن وحتى عام 2024 وقد يكون هذا العام والذي سبقه الأكثر دفئًا على الإطلاق[1].
ومن غير المستبعد أن يؤثر مستقبل تطور حدة الحرارة في الكويت على نوعية الأنشطة الاقتصادية بالمقارنة مع جغرافيا الكويت والافراط في استخدام الفرد للطاقة أبرز العوامل الدافعة لزيادة الغازات الدفيئة المسببة لاحتباس الحراري وموجات الحر القاسية.
وعلى صعيد عربي، يعتبر تسجيل متوسط حرارة الى نحو متوسط 45 درجة مئوية تطور مقلق في هذه الدول خاصة في منطقة شمال أفريقيا والمحاذية للبحر المتوسط والمعروفة باعتدال درجات حرارتها. وتودع بذلك عدد من الدول الحرارة المعتدلة في الصيف لتصبح درجات الحرارة متقلبة وارتفاعها قد يكون قياسيا وهو وما يثبت زيادة توسع اثار الاحتباس الحراري على الدول العربية.
وقد اثبت رصد الحرارة في أكثر من دولة عربية اجتياز متوسط الحرارة سقف الذروة المعتاد في هذه الدول لتقترب قليلا من متوسط حرارة منطقة الخليج. في حين تواجه حرارة الصيف في دول الخليج خطر طول فترات الحرارة واجتياز متوسطها عتبة الخمسين درجة خلال السنوات المقبلة وهو تطور مناخي مقلق رصدته دراسات علمية ويشمل مناطق كثيرة في العالم بما في ذلك الدول العربية.
وارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض والمحيطات العالمية منذ مارس الماضي بنحو 1.16 درجة مئوية فوق متوسط الحرارة المعتادة خلال القرن العشرين وعلى الأرجح أن ذروة حرارة هذا العام يمكن تصنيفها ثاني أعلى درجة سجلت منذ 141 عامًا[2].
ومن المرجح أن تزيد وتيرة الاحتباس الحراري بسرعة أكبر من المتوقع، وفقًا لأبحاث أعدتها جامعتي كوينزلاند وجريفيث. ومن المتوقع أن النمو السكاني والاقتصادي إلى جانب زيادة استخدام الفرد للطاقة تزامنا مع زيادة كبيرة في الطلب العالمي على الطاقة تقف كسبب رئيسي وراء زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتسبب الأول في ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية.[3]
المصدر: مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
الهوامش:
[1] UN News, Rising global temperature shows ‘enormous challenge’ of meeting climate goal, 8 July 2020, https://news.un.org/en/story/2020/07/1067991
[2] March Global Temperature Change, May 2020, https://www.co2.earth/global-warming-update
[3] University of Queensland, World temperature could rise rapidly by 2020, modelling suggests, march 2016, https://phys.org/news/2016-03-world-temperature-rapidly.html