الكويت، 13 أكتوبر 2020 (csrgulf): حل القطريون في المرتبة الأولى عربياً في مؤشر محفزات التفاؤل. وصنفوا كأكثر العرب الذين يمتلكون محفزات تفاؤل على المديين القريب والمتوسط، حيث يتصدرون مؤشرات عدة لعل أبرزها مؤشر نصيب الفرد من الدخل ومؤشر السلام والأمان بالنظر للتهديدات المحدقة او الجريمة. واستمرت قطر في المحافظة على ترتيب عالمي متقدم كأفضل بلد في العالم من ناحية تدني معدلات الجريمة وتعزز الأمن، اذ تقلصت دوافع الجريمة بفضل تعزز مقومات التنمية البشرية وثقافة السلم الاجتماعي التي تعززها الدولة في سلوك وثقافة مواطنيها عبر برامج التعليم والتدريب ومؤسسات الثقافة والترفيه.
كما يعود الفضل لتصدر القطريين مؤشر التفاؤل عربياً لتنظيم كأس العالم الذي بدوره يحمل تمييزا استثنائيا للقطريين الذين سيكونون أول العرب المحتضنين لهذه الفعالية الأكثر شعبية في العالم. كما ينتظر القطريون أن يعود تنظيم المونديال بالمنافع عليهم خاصة على مستوى زيادة جلب استثمارات خارجية وانفتاح بلدهم أمام السياحة فضلاً عن زيادة التعريف بقطر في العالم كوجهة أعمال وعمل أمنة وهو ما سيدعم تحقق رؤية قطر المستقبلية لصالح ازدهار أجيال المستقبل.
لكن تبقى هناك بعض المخاوف وان كانت محدودة ازاء تداعيات استمرار الأزمة الخليجية وما تحتمه من استمرار غلق الحدود مع ثلاث دول خليجية مجاورة. الا أن القطريين يبدو أنهم تجاوزوا الصدمة متطلعين بشكل أكبر الى هالة التفاؤل التي يبعثها المونديال والتي قد تشغل القطريين مؤقتاً عن تداعيات الأزمة الخليجية وتنضاف اليها آثار وباء كورونا. ومن خلال رصد تفاعل قطر مع الجائحة، يعتقد أن القطريين الأكثر حظاً في العالم من ناحية تدني نسبة الوفيات بالمقارنة مع عدد الإصابات المرتفع، وهذا ما يعكس تحسن الرعاية الصحية والطبية في قطر كدليل على نمو جودة الحياة. كذلك ينعم القطريون بميزة امتلاك احتياطي مالي ضخم لأجيال المستقبل مع توقعات باستمرار تحسن دخل الفرد بالنظر لتوقعات استمرار تعافي النفط والغاز وهذا ما سيدعم تدفقات مالية لصالح الموازنة القطرية، وهو ما يجعل قطر باستمرار وجهة جاذبة وليست طاردة للباحثين عن مستقبل زاهر.
ويقدم الإصدار السنوي الثاني لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث دارسة تضمنت تصنيفاً عربياً جديداً يعرف بـCSRGULG Optimism Index لمحفزات التفاؤل على المديين القريب والمتوسط بين العرب وخاصة بين الشباب بالاعتماد على قياس مؤشرات مختلفة. وحسب النتائج التي توصلت اليها الدارسة، فان شريحة كبرى من المجتمعات العربية باتت لا تعتمد على احصائيات ووعود ومؤشرات حكومية فقط فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية حول اتجاهات التنمية في البلاد، حيث تراجعت الثقة في السياسيين في عدد من الدول خاصة تلك التي تتعثر تنميتها باستمرار دون تحقيق نتائج تعود بالنفع المباشر على المواطن. وباتت شريحة كبرى استفادت من زيادة انتشار الهواتف الذكية والربط بالإنترنت تُقيّم وفق مقاييسها الخاصة النظرة المستقبلية للازدهار بدولها بفضل زيادة النفاذ الى المعلومات من مصادر مختلفة أكثرها غير حكومية ووفق محددات أبرزها محفزات التفاؤل أو التشاؤم.
وأخذت الدراسة بعين الاعتبار تأثير دائرة تداعيات جائحة كورونا الآخذة في الاتساع يوماً بعد يوم على محفزات التفاؤل إزاء النظرة لمستقبل الحياة في بعض الدول. وعلى أساس هذه النظرة الشاملة التي تتضمن مؤشرات مختلفة لقياسها، يزيد عدد المتفائلين أو ينقص عدد المتشائمين.
الهدف الرئيسي من مؤشر التفاؤل (CSRGULF OPTIMISM INDEX) أو اختصاراً (COI) هو مساعدة صناع القرار والقراء على فهم أن التفاؤل كمؤشر يمكن قياسه عبر مستويات مختلفة في الدول العربية كقياس رفاهية الإنسان ومستقبل الازدهار بالنظر الى معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومؤشرات التنمية البشرية. ويأخذ المؤشر في الاعتبار التغير في نصيب الفرد من الدخل وبالتالي محددات ظروف المعيشة كالفقر والبطالة إلى جانب المؤشرات اقتصادية وغير اقتصادية أخرى أبرزها نفسية. تنقسم المؤشرات الى 7 مؤشرات وهي الهجرة، اللجوء، البطالة، نصيب الفرد من الدخل، الفقر، الأمان وتوقع نسبة النمو بالإضافة الى مؤشرات أخرى ضمنية كمدركات الفساد والاكتئاب وأمل الحياة والابتكار والاستقرار السياسي والأمني أي عدم التعرض لتهديدات على المدى القريب والمتوسط بالإضافة الى مؤشر مهم جدا يتمثل في قيسا التبابين في الثروات والموارد المتاحة في الدول العربية والتي تمثل محركا للتنمية الباعثة على التفاؤل في حال الحكم الرشيد التي تتطلع اليه الشعوب العربية.
ومن خلال نتائج الدراسة تم العثور على سمات مشتركة معينة بين أفضل الدول التي تتمتع بمحفزات تفاؤل شعوبها. حيث يتمتع السواد الأعظم من سكان هذه الدول المحظوظة بإمكانية الوصول إلى الموارد الأساسية وفرص العيش الكريم مع زيادة ملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي والاستثمارات الهادفة لتحسين جودة حياة احيال المستقبل مع تحسن البنى التحتية التي تحث بقوة على الابتكار ومعظم هذه المؤشرات مرتبطة باستمرار الاستقرار السياسي.
وفي المقابل، هناك سمات مشتركة أيضا بين البلدان الأقل توفيرا لمحفزات التفاؤل. اذ أن معظمها لديها معدلات عالية من الهجرة إلى الخارج، وانخفاض في الابتكار، وانخفاض إمكانية الوصول إلى الموارد الحيوية، وتذبذب نسبيًا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد تم ملاحظة زيادة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين من دول عربية في أوج انتشار الوباء ما يعكس عدم اكتراث جزء كبير من العرب خاصة فئة الشباب بمخاطر الوباء في ظل تردي الأوضاع المعيشية وفقدان الأمل في تغيير ايجابي وسريع يحسن من حياتهم أو يفتح أفقاً لتغيير إيجابي، وتم رصد زيادة تدفقات المهاجرين غير الشرعيين خاصة من تونس وليبيا والمغرب والجزائر ومصر ولبنان وسوريا واليمن والسودان.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الصعب احصاء عدد العرب في الخارج بعد وجود ملايين من الشتات العربي لم يتم احصائهم رسميا في تقديرات الجاليات بسبب طريقة قدومهم واقامتهم غير الشرعية في دول أجنبية وهو ما يزيد من تعميق أزمة المهاجرين ويضطر الحكومات الى الإسراع بمعالجة أسباب الهجرة غير النظامية. فعلى سبيل المثال، لا تستطيع كل من تونس ومصر والمغرب والجزائر إحصاء عدد جالياتها في الخارج بشكل دقيق حيث يوجد ملايين غير مدرجين في الإحصاءات الرسمية للجاليات لكونهم مقيمون بصفة غير قانونية.
وتباين ترتيب شعوب منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط حسب مؤشرات كثيرة، في حين تصدر أغلب الخليجيين مؤشر التفاؤل عربياً على المديين القريب والمتوسط، الا أن تحديات التغيرات المناخية وتداعياتها القاسية على دول الخليج قد تحد من نظرة التفاؤل على المدى البعيد ان لم تسارع حكوماتها في التأقلم والاستجابة لمتطلبات تغيرات المناخ التي تحدث بوتيرة أسرع من التوقعات الحكومية، وهو ما قد يمثل احدى أهم المخاطر المستقبلية أمام أجيال المستقبل.
المصدر: الاصدار السنوي الثاني لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)، مؤشر التفاؤل (CSRGULF OPTIMISM INDEX) أو اختصاراً (COI)