الكويت، 17 نوفمبر 2020 (csrgulf): لا تستبعد التوقعات الاقتصادية تحت وطأة تداعيات جائحة كورونا إعادة دراسة الحكومة الكويتية المقبلة بداية من 2021 لخيارات اضطرارية جديدة من التقشف التي قد تكون مجبرة عليها في ظل تنامي العجز بين الإيرادات والانفاق، والتي قد تشمل مراجعة دعم خدمات وامتيازات للمواطنين كما يوصي بذلك صندوق النقد الدولي.
وحسب خلاصة دراسة قام بها مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) بعنوان “الكويتيون هل يدفعون الضريبة على الدخل قريباً”، يزيد بشكل سنوي حجم إنفاق الكويت توازياً مع زيادة حجم سكانها. الا أن مداخيل البلاد في تراجع مستمر منذ هبوط أسعار النفط، وهو ما يدخلها في عجز متفاقم سنوياً في تغطية حجم انفاقها الضخم، حيث هناك مخاطر عالية من دخول البلاد في أزمة حقيقية قد تستنزف احتياطاتها المالية وتجعل الانفاق يتضخم أكثر مقابل دخل سلبي.
ومالم تسارع الحكومة الكويتية في تنويع إيرادات الدخل بشكل حتمي وفوري وتتخذ إجراءات حازمة لزيادة ضمان نمو إيرادات البلاد، فقد تواجه تعثراً في الإيفاء بالتزاماتها الداخلية وتراكم أكبر لديونها، وهذا التوجه لا يمكن أن يتحقق في المدى القريب دون تدخل عاجل لرفع كفاءة إدارة مصادر التمويل الحكومي والثروات المتوفرة والجديدة.
ففي ظل تراجع مستمر ومتوقع لأسعار النفط أو استقرارها في حدود (50-56 دولاراً) في أفق 2025[1] مدفوعة بزيادة متوقعة للدعم الأمريكي في عهد الديمقراطيين على عكس الجمهوريين لجهود الاستثمار في الطاقات المتجددة النظيفة البديل المستقبلي والمنافس للطاقة الأحفورية فضلاً عن زيادة طاقة الإنتاج العالمي للنفط والذي يؤدي في النهاية للضغط على تراجع أسعار المحروقات، قد يكون ضمان نمو الانفاق على الأجور والامتيازات محفوفاً بالمخاطر في ظل الاعتماد الحكومي الكويتي المفرط على إيرادات الطاقة.
وأدى تذبذب أسعار النفط وتوسع انتشار فيروس كورونا إلى تعطيل انتعاش الصناعة البترولية على المدى القريب، ويعتقد أن انهيار الأسعار المرتبط بفيروس كورونا سيكون بمثابة تحذير للصناعة لما سيأتي، حيث قضى الوباء على ما يقرب من ثلث الطلب العالمي على النفط من خلال عمليات الإغلاق وحظر السفر[2].
وتواجه الحكومة الكويتية أسوة بعدد من الدول الخليجية والنفطية الأخرى كالجزائر وليبيا احتمال خسارة نصف إيراداتها النفطية بالمقارنة مع احصاء مداخيل النفط في 2014[3]. وبذلك على الأرجح أن تتراجع مساهمة الإيرادات النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بنحو النصف من 2014 الى 2025 من واقع 52 الى 32 في المئة. كما أن نسبة مداخيل الاستثمارات الكويتية قد لا تشهد تحسناً كبيرا وذلك بتوقع انحسار نسبة النمو عند 2 في المئة فقط بين 2014 الى 2025 أي من 10.6 في المئة (2014) الى 12.4 في المئة فقط (2025).
على صعيد متصل، من المرجح أن تتقلص قيمة أصول الهيئة العامة للاستثمار والأصول المالية الحكومية، حيث تقدر التوقعات أن تتراجع أصول الهيئة من 427 مليار دولار في 2019 الى 380 مليار دولار في 2025. وأصول الحكومة من 411 مليار دولار في 2019 الى 306 مليار دولار في 2025[4].
على صعيد آخر، تشير التقديرات الى أن إيرادات الاستثمار لن تنمو بشكل كبير ولن تتعدى 7 مليارات دينار، حيث قد ترتفع من 4.6 مليار دينار في 2014 الى 6.4 مليار دينار في 2025[5] أي بزيادة بنحو ملياري دينار فقط. وعلى صعيد آخر في ظل تواصل توقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي مع استمرار انخفاض أسعار النفط، لا يوازي هذا التراجع في الإيرادات النفطية تحسنا متوقعاً في إيرادات أخرى بديلة، وهو ما يؤثر سلباً على انخفاض مؤقت لنصيب الفرد الكويتي من الثروة (الناتج المحلي الإجمالي) رغم توقع زيادة صادرات الكويت النفطية عتبة الـ 3 ملايين برميل بحلول عام 2025.
وكانت توقعات صندوق النقد الدولي رجحت زيادة تعرض صناديق الثروة السيادية في العالم على المدى القريب لزيادة ضغوط وارتفاع المخاطر. وفي حال تراجع حجم ثروات الكويت السيادية ولو بشكل مؤقت فقد يكون ذلك عامل ضغط يدفع احتمال اللجوء الى زيادة التداين الحكومي من الأسواق العالمية. وصندوق الثروة السيادي يمثل مدخرات الدولة أو احتياطاتها المالية. وتضع الكويت مثلها مثل باقي الدول الغنية فائض الميزانية في صناديق الثروة السيادية لاستخدامه في أوقات العجز غير المتوقع في الميزانية، ومن المعروف أيضًا أن استثمارات مثل هذه الصناديق منخفضة المخاطر تعول عليها الحكومات من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات المدنية وغيرها لمواطنيها دون الحاجة إلى زيادة الضرائب. لكن مثل هذه الصناديق في ظل انكماش أو ركود اقتصادي عالمي كالتي تخلفه تداعيات جائحة عالمية مثل كورونا قد لا تضمن تجنب المصاعب أثناء العجز الحاد في الميزانية.[6]
وفي حال لم ترتقي إدارة البلاد الى الكفاءة العالية من أجل ضمان تدفق الإيرادات وحسن ادارتها، فقد لا تجد الحكومة بداً الا زيادة الاستدانة أو التقشف أكثر واللجوء لتوفير مصادر دخل بديلة بفرض ضرائب على دخل الأفراد بعد أن بدأت تدريجياً تطبيق الضريبة على الشركات.
2020 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث Csrgulf
الهوامش:
[1] world Bank, Commodity Markets Outlook, OCTOBER 2020, https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/34621/CMO-October-2020.pdf
[2] David Sheppard, Pandemic crisis offers glimpse into oil industry’s future, in London MAY 3 2020, 99fc40be-83aa-11ea-b872-8db45d5f6714
[3] IMF Country Report No. 20/89
[4] IMF Country Report No. 20/89
[5] IMF Country Report No. 20/89
[6] Abdulaziz A. Alotaibi, Budget Policies During and After the Oil Crisis of 2014: Comparative Analysis of Saudi Arabia, UAE, and Kuwait, King Saud University, International Business Research, Vol. 12, No. 6; 2019 ISSN 1913-9004- E-ISSN -1913-9012, Published by Canadian Center of Science and Education, Riyadh 11587, Saudi Arabia, May 5, 2019, https://doi.org/10.5539/ibr.v12n6p23