الكويت 4 يناير2021 (csrgulf): بعد اعلان اتفاقيات السلام بين إسرائيل ودول عربية بشكل منفرد والاعتقاد بنشأة حلف جديد يجمع إسرائيل مع بعض الدول الخليجية والعربية برعاية أمريكية في ظل مواقف بين التحفظ والرفض أبدتها بلدان عربية أخرى مخيرة استمرار المقاطعة، تزيد وتيرة المخاوف من احتمالات انقسام العالم العربي الى جبهتين متناقضتين تدريجياً الى مدى بعيد، حيث يواجه أقدم تحالف عربي خطر التفكك العملي الوشيك رغم بقائه صامدا نظرياً.
ولم يعد يوفر الواقع العربي اليوم الغرض من تواجد هيكل “الجامعة العربية” بميثاقها التأسيسي الحالي الذي بسقوط مواد كثيرة منه في دائرة عدم الصلوحية، قد تنتهي صلاحيات الجامعة كمؤسسة عربية توحد العرب، حيث قد تصبح مراجعة أهداف التعاون والشراكة وشروط التكامل والتوحد وفق معايير جديدة حاجة ملحة في المدى القريب، اذ أن استمرارها في شكل المنظومة الحالية هو استنزاف للمالية العامة العربية دون أهداف تذكر خاصة بعد أن تغيرت الظروف الجيو-استراتيجية في العالم العربي بالنظر لقضايا مركزية وتاريخية كانت تمثل نقاط توافق لجل العرب وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي لم تعد توحد رؤى العرب كما في السابق، وبات خيار تأخير حلًها بالنظر لتعقد شروط المفاوضات خياراً يطرح مزيدا من انقسام المواقف العربية تجاه العلاقات مع إسرائيل التي لطامات كنت مصدر تهديد مشترك للعرب والمسلمين.
وترجح استنتاجات الجزء الخامس لدراسة “تحديات وآفاق السلام مع إسرائيل: الكلفة الشعبية والفرص والتداعيات” ضمن الإصدار السنوي الثاني لمركز (CSRGULF) أن فرضية تراجع الالتزام بمقاومة الاحتلال من شأنها أن تفرغ الجامعة العربية من شرعيتها الشعبية والتاريخية، وتدفع الى رجّة في التحالفات العميقة وزيادة الانقسام في الداخل الفلسطيني حول خيارات المقاومة والتحالفات مع الدول العربية.
و لعل قرار دولة فلسطين تخليها عن حقها برئاسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية ردًا على اتخاذ الأمانة العامة للجامعة موقفًا داعمًا للإمارات والبحرين بعد تطبيع علاقاتهما مع إسرائيل، قد لا يكون آخر المواقف في ظل هدوء مريب لحركات المقاومة إزاء التطورات.
ولم تكن فلسطين لوحدها من اعتذرت عن رئاسة الجامعة، بل اعتذرت كل من قطر، وجزر القمر، والكويت، ولبنان وليبيا عن استلام رئاسة دورة المنظمة، في إشارة غير علنية أو مبطنة لحلف غير مؤيد للسلام مع إسرائيل ورافض لإقامة علاقات رسمية مع الدولة العبرية بشكل منفرد الأمر الذي يقلص من دائرة المقاطعة ويزيد من عدد المعترفين بالدولة اليهودية. وتمثل هذه البوادر مؤشرات قوية على حدوث تصدع عميق في أسس الجامعة العربية وشرعيتها الرسمية والشعبية. وتعتبر مؤشرات انخفاض التمثيل الرسمي للقادة خلال السنوات الأحيرة في مؤتمرات القمة لمجلس الجامعةالعربية السنوي فضلاً عن مقاطعة بعض الزعماء لهذه المؤتمرات، بوادر أزمة في اتجهاها الى التفاقم خاصة على مستوى تضرر متوقع لتمويل الجامعة في حال زيادة الاختلاف حول الالتزامات المالية المخصصة للمنظمة العربية.
إسرائيل نجحت في اختراق عنصر التضامن العربي الوحيد
لسنوات عديدة كان العالم العربي مؤسسة موحدة في متمثلة في جامعة الدول العربية، وهيئة قيادية تتمثل في اجتماع الزعماء سنوياً في قمة عربية، وأجندة موحدة إلى حد ما تتمحور حول عداء إسرائيل وضرورة قيام دولة فلسطينية. أما اليوم فقد بات العنصر الأخير الذي كان يوحد العرب أمراً من الماضي. فمنذ عدة سنوات، لم يعد الفضاء الذي يسمى بـ “العالم العربي” كما كان من قبل، حيث بات يوجد اليوم تحالفان مختلفان يصارع أحدهما الآخر بقوة كبيرة وبدون حساسية تجاه الخسائر التي يتعرض لها أي من الجانبين.
ويقيناً منها أن إقامة علاقات اقتصادية وديبلوماسية مع جزء من الدول العربية سيكون بمثابة اختراق لعنصر التضامن العربي الوحيد والموحد للسياسات العربية منذ نحو نصف قرن والمتمثل في مبدأ عدم الاعتراف بإسرائيل في ظلّ عدم اعتراف الأخيرة بالحقوق التاريخية للفلسطينيين، تسعى الدولة العبرية من خلال صفقة القرن الى إقامة سلام انتقائي لا يشمل كل الدول العربية حيث تعتقد الرؤية الصهيونية أن نسبة كبيرة من الدول العربية غير مستعدة لإقامة سلام شامل. ويسهم اختلاف المواقف حول السلام الانتقائي المنفرد في ظهور تحالفات متناقضة بين مؤيد للسلام مع إسرائيل ورافض له. اذ لم تعد الدول العربية كتلة واحدة معارضة لإسرائيل بل انقسمت إلى تحالفين: أحدها إلى جانب استمرار المقاطعة حتى تحرير فلسطين والآخر ضده. فإسرائيل التي كانت تعتبر في الماضي مشكلة يجمع عليها العرب، أصبحت جزءا من الحل المختلف عليه للسلام في الشرق الأوسط. وهذا التطور من شأنه أن يقوض مضمون المادة الثانية من ميثاق التأسيس المعرف للغرض من الجامعة العربية، حيث أنه عِوَض تنسيق السياسات زادت الخلافات واختلاف الرؤى. وهو تغير يسرع وتيرة ظهور معالم تحالف مصيري ومتناقض في الشرق الأوسط والخليج ترسم له منذ سنوات الولايات المتحدة بدأ في التشكل تدريجياً.
فعبر الشرق الأوسط، من العراق إلى شمال افريقيا، يؤثر تحالف غير رسمي محتمل دعت اليه واشنطن منذ سنوات وهو قيد التبلور بين دول عربية واسرائيل على التطورات بهدوء، ويهدد بزيادة تعمق الانقسام بين الدول العربية منذرا في الوقت نفسه احتمال تفكك عملياً وتدريجياً لمنظمة الجامعة العربية رغم استمرار وجودها نظرياً. لكن أساسات التحالف المحتمل هشة بالنظر لشروط الالتحاق به والمتمثلة في عداء إيران بشكل أساسي مع اشتراط توفر الاستقرار ودرجة عالية من التعايش التسامح المطلوب في كل بلد من هذا التحالف الافتراضي المدعوم أمريكياً. وبالتالي فان هذه المعايير المشروطة للتحالف والتي قد تفرضها الرؤية الصهيونية للسلام في الشرق الأوسط مع العرب هي معايير متغيرة وغير ثابتة وصلبة في غياب حل للقضية الفلسطينية، وبالتالي قد يواجه مثل هذا التحالف تحديات عدم الاستقرار مستقبلاً بسبب عدم واقعية أرضية السلام في ظل تذمر شعبي من استمرار احتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطينية وعربية فضلا عن توسع الاستيطان. وهو ما ينذر باحتمالات صحوة حركات المقاومة لإفساد مخططات الالتفاف الصهيوني على السلام من خلال مبادرات منفردة وجزئية.
وتهدف مبادرات السلام الحالية وفق الرؤية الصهيونية الى شق صفوف العرب وزيادة الهوة بين مواقفهم السياسية. وتعي إسرائيل جيداً أن أرضية السلام مع أغلب الدول العربية غير واقعية اليوم، لذلك فقد بدأت خطوة السلام مع بعض الدول التي يرتفع فيها مؤشر التعايش والاستقرار وقد يقتصر التعاون على المصالح الاقتصادية أولاً في المرحلة الأولى. لكن في مرحلة ثانية قد لا يتطور مسار السلام ليشمل جميع الدول العربية خاصة التي يرتفع فيها مؤشر الحريات وتحكمها أنظمة ديمقراطية أو برلمانية شعبية يطغى فيها الخطاب الشعبوي أو تلك التي تعاني أنظمتها الأمنية خروقات وتهديدات أو التي تعاني شعوبها من ارتفاع مخاطر التطرف. كما قد لا ترغب إسرائيل في الحقيقة في توحيد كل الدول العربية في حلف معها مخافة انقلاب هذا الحلف ضدها يوماً ما، حيث تستفيد من عدم توحد العرب وتفتيت القوى العربية والاستمرار في حالة الانقسام والضعف.
وحسب رصد تحليلي لتفاعل الإسرائيليين مع اتفاقيات السلام مع دول عربية على منصات التواصل الاجتماعي[1] يفهم جزء من الرأي العام الإسرائيلي خطوة السلام الانتقائي والجزئي مع دول عربية على نطاق واسع على أنها إشارة إلى الحقائق المتغيرة على الأرض التي من شأنها أن تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية في اتفاقية الوضع النهائي المستقبلية. وفيما تعتبر إسرائيل مبادرتها بـ”عرض تاريخي للسلام”، تصف في المقابل أي شروط عربية لتوسيع التفاوض على سلام أشمل بالإملاءات المرفوضة.
وفي ظل عجز منظمة الجامعة العربية على حلّ النزاعات الإقليمية وصنع السلام فقد تستفيد عدد من الدول العربية من توافقات السلام مع إسرائيل لتوسيع علاقاتها الديبلوماسية ومصالحها الاستثمارية في العالم من أجل ضمان ازدهارها وتحصين آفاق تنميتها من المطامع الخارجية. وكانت دول عربية عرضت إيماءات بما في ذلك استضافة مكاتب تجارية أو تمثيلية إسرائيلية، أو استضافة مؤتمرات قمة اقتصادية، أو من خلال المواقف السياسية منذ 2009.
وفي حين يشهد مسار التفاوض حول حلّ عادل للقضية الفلسطينية مزيدا من التعقيدات بسبب خلافات داخلية فلسطينية فضلاً عن توسع الخلاف العربي العربي وتغير اشتراطات إسرائيل بفضل تغير موازين القوة، قد تختار بعض الدول عدم تأجيل الدخول في تحالفات من شأنها أن تضمن أولوية مصالح استراتيجية بضمانات أمريكية تعزز مستقبل ازدهار شعوبها. حيث تجتمع التحولات الجيوسياسية اليوم لتجعل من الصعب تحقيق اتفاق تفاوضي في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فمنذ 10 سنوات، كان المفاوضون الفلسطينيون يطالبون بعودة اللاجئين بنحو 100 ألف سنوياً، بينما كانت تشترط الحكومة الاسرائيلية حينها القبول بعودة 5 ألاف فقط، ليتغير موقف التفاوض اليوم الى ممانعة إسرائيل نهائياً أي عودة للاجئين[2]. الا أن تراجع عدد الدول العربية من جبهة المقاطعين لإسرائيل سيزيد في تعنت إسرائيل في أي مفاوضات مقبلة.
وتصنف أدبيات إسرائيل اليوم من خلال العديد من كتابها ومنظريها دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا حسب تموقعها في التحالفين العربيين المضادين كالتالي: أحد التحالفين يضم إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وقطر وفلسطين تحديدا غزة، وهو مدعوم من الخارج من تركيا وروسيا والصين، ويقف ضدها تحالف معارض مؤلف من السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن والمغرب والسودان وإسرائيل، بدعم من الخارج من الولايات المتحدة. وتقع الدول العربية المتبقية في مكان ما بين الائتلافين[3].
تراجع الالتزام بمقاومة الاحتلال يفرغ الجامعة العربية من شرعيتها الشعبية
تبين دراسة ظروف نشأة الجامعة العربية اكتساب المنظمة لشرعية شعبية بفضل بروباغندا الالتزام بمقاومة الاحتلال، في حين ان تقلص عدد الدول المتبينة للمقاومة ورفض الاحتلال قد يفرغ الجامعة العربية من شرعيتها الشعبية والرسمية ويجعلها مؤسسة بلا صلاحيات. كما يكشف التسلسل التاريخي للعوامل التي دفعت لنشأة الجامعة العربية مدى ارتباطها بحركة المقاطعة والمقاومة الشعبية منذ الثلاثينات لمخططات الاحتلال الإسرائيلي لمناطق في الخارطة العربية وخاصة في دول جوار فلسطين. وبررت الرغبة في تكوين جبهة موحدة ضد مطامع إسرائيل ودعم حقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة بداية تشكل المساعي العربية منذ أربعينات القرن الماضي في افشال نوايا الحركة الصهيونية في فرض دولة يهودية على حساب أراضي عربية. ففي نوفمبر 1945 عام تأسيس الجامعة العربية، قامت الجامعة بتأسيس اللجنة العربية العليا كهيئة تنفيذية عليا للعرب الفلسطينيين في أراضي الانتداب البريطاني على فلسطين واعترفت جميع الدول الأعضاء الست آنذاك باللجنة[4] التي كانت تمثل فلسطين في مجلس الجامعة آنذاك، وتضمّن ميثاق الجامعة ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة الملحق الأول خاص بفلسطين، وعملت الجامعة على تنسيق الجهود منذ ذاك الحين على تحرير فلسطين وقيام دولة فلسطينية، واعتمدت آليات مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في ادبيات الجامعة العربية على توحيد الجهود العربية لاستمرار مقاطعة إسرائيل بهدف الضغط عليها من أجل تحقيق المطالب الشرعية للفلسطينيين. وقد بدأ التوافق على مقاطعة إسرائيل ومنتجاتها منذ الأربعينات من القرن الماضي، ومثل ذلك مسار يوحد اغلب سياسات أعضاء الجامعة العربية، ففي 2 ديسمبر 1945 أعلن مجلس الجامعة العربية رسمياً مقاطعة أي شركة يهودية عاملة في فلسطين وبررت ذلك بأن المنتجات والمصنوعات اليهودية أو الاسرائيلية في فلسطين غير مرغوب فيها في البلاد العربية لأن إباحة دخولها للبلاد العربية تؤدي إلى تحقيق الأغراض السياسية الصهيونية”.[5] وفي عام 1948، نسقت جامعة الدول العربية الجهود من أجل بداية الحرب العربية الإسرائيلية وما يعرف اليوم بحرب 48. وشهدت الجامعة العربية أصعب مرحلة اختبار لمتانة عنصر توحدها في نهاية السبعينات والمتمثل في مقاطعة إسرائيل، حيث ثبت أنه عامل توحيد وتفريق في الوقت نفسه.
ففي حين نصّ ميثاق الجامعة العربية منذ تأسيسها عام 1945، على أن تكون القاهرة مقرها الدائم وبقيت على هذه الحال حتى عام 1979، فانه عقب توقيع مصر مع اسرائيل معاهدة السلام، بصفه منفردة، أثار قرار التطبيع غضب الدول العربية، التي جمّدت عضوية مصر، ونقلت مقر الجامعة الى تونس. كما علقت عضوية مصر في عام 1979، إلا أن الدول العربية أعادت العلاقات الدبلوماسية مع مصر في عام 1987 وسمحت لها بالعودة إلى الجامعة في عام 1989، وأعيد مقر الجامعة إلى القاهرة مرة أخرى. وكانت هذه أضخم أزمة عصفت بالجامعة العربية منذ نشأتها الى حين عودة شبح هذه الأزمة اليوم مع زيادة اتساع هوة الخلافات بين الدول الأعضاء خاصة على مستوى نمو السياسات المضادة والتحالفات المتناقضة وهو ما يتعارض مع البند الثاني لميثاق الجامعة العربية[6]. وتطرق الميثاق في التوطئة الى أن تأسيس الجامعة العربية بهذه البنود والأطر القانونية التنظيمية يأتي بناء على استجابة للرأي العام العربي آنذاك، الا أن اليوم هناك تغييرات جوهرية جدت قد تدفع الى تنقيح ميثاق الجامعة بناء على تحديث تقييم للرأي العام العربي اليوم حول القضايا المركزية للأمة العربية وفق أولويات الشعوب.
وخص الميثاق قرارا يتخذ شكل المبدأ الثابت على مر أكثر من 7 عقود بخصوص فلسطين. لكن هذا المبدأ لم يعد له وجود بتاتاً اليوم. حيث تغيرت سياسات الدول الأعضاء، ولم يعد يربطهم بقضايا تمسّ الأمة العربية والإسلامية وتستجيب لتطلعات الشعوب بقدر ما ابتعدت سياسات الدول للنظر في مصالح متشابكة جعلتها متوافقة اليوم مع إسرائيل.
وفقدت الجامعة دورها بشكل كبير منذ حرب العراق الأولى مع إيران في 1980. حيث لم تستطع الجامعة العربية التدخل لصالح بلد عضو وهو العراق ضد إيران ما يتناقض مع المادة 6 من ميثاق الجامعة العربية، وهو ما دفع الدول العربية لاحقا الى إيجاد تكتلات جهوية بديلة تعمل بشكل موازي وفعّال أكثر من الجامعة العربية على غرار مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما لم سقطت ايضا المادة الثانية من ميثاق الجامعة من عوامل الصمود الهش للمنظمة العربية حيث عجزت الجامعة خلافاً للمادة الثانية من ميثاق تأسيسها عن إيجاد أي حلول لخلافات مستمرة بين الدول الأعضاء كالمغرب والجزائر والعراق والكويت سابق قبل الغزو والدول الأطراف في الازمة الخليجية، والعلاقات مع سوريا وليبيا، كل هذه الازمات اكدت واقع العجز والجمود التي انتهت اليه الجامعة العربية لتصطدم بآخر الازمات العميقة المتمثلة في الخلاف حول التطبيع مع إسرائيل وتأخير حل القضية الفلسطينية وقبول استمرار الهجرة اليهودية في مقابل قرار نهائي بعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين. وكان قرار متضمن في ميثاق تأسيس الجامعة العربية أكد على أن “وقف الهجرة اليهودية والمحافظة على الأراضي العربية، والوصول الى استقلال فلسطين هي من حقوق العرب الثابتة التي تكون المبادرة الى تنفيذها خطوة نحو الهدف المطلوب ونحو استباب السلم وتحقيق الاستقرار[7]”.
وقد قامت أهداف الجامعة العربية[8] على تنسيق الجهود في مجالات مختلفة بما فيها المجال الدفاعي للتصدي للتحديات العدوانية بما فيها إسرائيل بالنظر لتوسع رقعة الاحتلال في أكثر بلد عربي مجاور لها. وطغت على ظروف تأسيس الجامعة العربية حركة قومية عربية مناهضة للصهيونية التي دبرت احتلال فلسطين آنذاك. وأشار قرار حول فلسطين في ميثاق تأسيس الجامعة العربية في 1945 الى ضرورة ” أن لا يخلط بين مسألة اليهود والصهيونية، اذ ليس أشد ظلماً وعدواناً من أن تحلّ مسألة يهود أوروبا بظلم آخر يقع على عرب فلسطين على اختلاف أديناهم ومذاهبهم[9]”، وكانت القضية الفلسطينية هي موضوع أولى بيانات مندوبي الجامعة العربية منذ تأسيسها آنذاك، وتمسك الميثاق الموجه للسياسات العامة للدول الأعضاء بالدفاع عن الفلسطينيين ودعمهم الى حين الاستقلال. وأشكال هذا الدعم يختلف العرب حولها اليوم في ظل رصد اختلال التوزان بين أولوية المصالح المحلية التي تطغى على المصالح المشتركة.
وعندما كانت أحداث فلسطين تحرك الرأي العام العربي منذ الثلاثينات، أثر هذا الحراك على سياسات الدول العربية واولوياتها، في حين ان الحراك اليوم حول دغم القضية الفلسطينية خفت بريقه منذ بداية الربيع العربي الذي خطف الأنظار عن دعم القضية العربية المركزية الى مزيد الانشغال بأولويات وطنية، وهو ما استغلته جيدا إسرائيل من أجل الدخول في مفاوضات منفردة مع الدول العربية حول تنمية المصالح.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf)
الهوامش:
[1] معلومات من رصد المركز لنموذج من تعليقات لمستخدمين إسرائيليين لفايسبوك وتويتر بين نوفمبر وديسمبر 2020
[2] Hesham Youssef, The Collapsing Foundation for Israeli-Palestinian Peace, New accords among Israel, Bahrain and the UAE challenge a long-standing paradigm for peacemaking, September 14, 2020, US institute of Peace, https://www.usip.org/publications/2020/09/collapsing-foundation-israeli-palestinian-peace
[3] Lt. Col. (res.) Dr. Mordechai Kedar, No Longer United Against Israel: The New Arab World, BESA, October 20, 2020, https://besacenter.org/perspectives-papers/israel-new-arab-world/
[4] Pact of the League of Arab States, March 22, 1945 (1), Yale law Shool, http://avalon.law.yale.edu/20th_century/arableag.asp
[5] Christopher C. Joyner (1984), “The transnational boycott as economic coercion in international law: policy, place, and practice”. Vanderbilt Journal of International Law. 17 (2): 206–286
[6] ميثاق الجامعة العربية، مجلس الجامعة، مطبعة الجامعة، مارس 2009، http://www.bahraincustoms.gov.bh/uploads/files/LAS_Laws.pdf
[7] مركز دراسات الوحدة العربية، جامعة الدول العربية: الواقع والطموح، مجموعة من الكتاب، بيروت 1983، الطبعة الأولى، history08316_جامعة الدول العربية الواقع والطموح.pdf
[8] مركز دراسات الوحدة العربية، جامعة الدول العربية: الواقع والطموح، مجموعة من الكتاب، بيروت 1983، الطبعة الأولى، history08316_جامعة الدول العربية الواقع والطموح.pdf
[9] ميثاق الجامعة العربية، مجلس الجامعة، مطبعة الجامعة، مارس 2009، http://www.bahraincustoms.gov.bh/uploads/files/LAS_Laws.pdf