- دول الخليج هل تشتري سلاحاً من إسرائيل كبديل عن أميركا؟
- الرئيس بايدن من أكثر المعارضين لصناعة وصادرات السلاح
الكويت 21 يناير 2021 (csrgulf): بعد سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض ومجلسي النواب والكونغرس، بدأ هناك توجه يتضح في الأفق لإلغاء قرارات كثيرة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وطي صفحته برمتها. الرئيس الجديد جو بايدن ساعات قليلة على دخوله البيت الأبيض وقع أول حزمة من الأوامر التنفيذية تلغي قرارات سابقة لإدارة ترامب، وقد تكون بينها مستقبلاً قرارات متعلقة بمبيعات الأسلحة لدول العالم والتي اعترض عليها الديمقراطيون بشدة حيث حققت قيمة صفقات صادرات السلاح الأمريكي في 2020 رقما قياسياً بدفع من صفقات مع دول الخليج بصفة خاصة.
وكان جو بايدن قد انتقد سابقاً خلال حملته الرئاسية في برنامجه الانتخابي أشكال الدعم التي قدمها دونالد ترامب الى دول الخليج في إشارة ضمنية لصفقات السلاح الأمريكي المبرمة بدعوى تأثيرها على صراعات المنطقة وحقوق الانسان[1]. ويعتبر بايدن من بين أكثر رؤساء أميركا الذين اعترضوا خلال مسيرتهم السياسية على زيادة مبيعات الأسلحة، حيث أسهم بدوره سابقاً عندما كان عضوا في الكونغرس في 1994 في تأمين مرور قانون بحظر لمدة 10 سنوات على الأسلحة الهجومية[2].
كما برزت توقعات لا تستبعد إعادة سعي المشرعين الديمقراطيين لاتخاذ تدابير جديدة لزيادة رقابة الكونغرس على صادرات الأسلحة الامريكية[3] وعرقلة صفقات خاصة نحو دول الشرق الأوسط والخليج وسط دعوات سابقة من الديمقراطيين لفرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة دول الشرق الأوسط والخليج[4]. ويسعى الديمقراطيون منذ سنوات لتغير جوهري يسعى اليه الكونغرس لتقليص صلاحيات الرئيس في ابرام صفقات الأسلحة الى الخارج.
لكن هل يمكن أن يلغي الرئيس الجديد أو مجلسي النواب والشيوخ (الكونغرس) صفقات سلاح مبرمة في عهد إدارة ترامب مع دول العالم بينها دول الخليج؟
بشكل عام، لا يمكن الاعتراض على صفقات سلاح مبرمة بين شركات أمريكية ودول أجنبية بعد تصديق الرئيس عليها حتى رغم اعتراض الكونغرس، لكن يمكن إعادة النظر فيها. وعادة فإن الإدارة الأمريكية عبر سلطتها التنفيذية، بعد الامتثال لشروط القانون الأمريكي المعمول به لها الحرية في المضي قدمًا في اقتراح مبيعات الأسلحة ما لم يقر الكونجرس تشريعًا يحظر البيع المقترح أو يعدله. وبموجب القانون الحالي، يواجه الكونجرس عقبتين أساسيتين لمنع أو تعديل البيع الرئاسي للمعدات العسكرية، حيث يجب أن يمرر تشريعًا يعبر عن إرادته بشأن مبيعات السلاح ووجهة تصديره، ويجب أن يكون قادرًا على تجاوز حق النقض الرئاسي المفترض لمثل هذا التشريع. ومع ذلك، يحق للكونغرس تمرير تشريع لمنع أو تعديل بيع الأسلحة في أي وقت حتى عند تسليم صادرات السلاح. الا انه في المقابل لم ينجح الكونجرس أبدًا في منع صفقة أسلحة مقترحة باستخدام قرار مشترك بعدم الموافقة[5]. حيث يتمتع الرئيس بصلاحية الفيتو التي تمنحه تمرير صفقة السلاح حتى جدون موافقة الكونغرس، وهو ما قد يحصن قرارات ترامب. الا أن أي فرضية توافق للرئيس الجديد الديمقراطي مع توجهات المشرعين الديمقراطيين حول قيود مستقبلية على صادرات الأسلحة قد تمثل دعامة قانونية كافية لإعادة النظر في مسار الصفقات العسكرية مستقبلاً.
ولعل أكثر الصفقات التي عارضها المشرعون الأمريكيون خاصة الديمقراطيون في عهد ترامب هي صفقات مبيعات أسلحة طائراتF-35 الى الامارات وقنابل الى السعودية. وقد عارض الكونغرس صفات سلاح ضخمة للسعودية والامارات الا أن ترامب مرر الصفقات رغم رفض المشرعين الأمريكيين، لكن هذه الصفقات وصفقات أخرى في المستقبل مرجح حسب تقارير أمريكية إعادة النظر فيها من المشرعين الديمقراطيين من أجل زيادة الضغوط لعرقلتها والتشدد في الصفقات المستقبلية خاصة مع وجود نزعة ديمقراطية للانقلاب على أغلب سياسات وقرارات ترامب. ولعل اعلان إدارة جو بايدن عن خطوة مستقبلية للتفاوض مع إيران سبقتها اتصالات سرية من أجل احياء الاتفاق النووي الإيراني قد يقلص وفق الإدارة الأمريكية الجديدة نسبة المخاطر في الخليج وهو ما قد لا يبرر زيادة صفقات السلاح النوعية والمتطور مع دول مجلس التعاون الخليجي حسب رؤيتهم الهادفة الى زيادة الضغوط على ترشيد صادرات الأسلحة الأمريكية الى الدول الحليفة كدول الخليج. وقد تفتح هذه الضغوط على صادرات السلاح الأميركي باب التساؤل والتوقعات حول مدى احتمالات امكانية لجوء دول الخليج الى التفاوض مع إسرائيل التي عقدت اتفاقيات سلام مع عدد منها حول صفقات سلاح اسرائيلي بديل عن السلاح الأمريكي خاصة وأن إسرائيل باتت من كبار مصدري السلاح الى العالم.
وتزيد الاحتمالات بسعي المشرعين الديمقراطيين في الولايات المتحدة لاتخاذ تدابير جديدة لزيادة رقابة الكونجرس على صادرات الأسلحة الأمريكية، والتي وصلت إخطاراتها إلى مستويات قياسية في عام 2020 وهي الأضخم منذ عقدين. وكانت أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية رسميًا إلى الكونجرس اخطارات اجمالي صفقات بأكثر من 100 مليار دولار من مبيعات الأسلحة المحتملة. وتضمنت أهمها مبيعات عسكرية لنحو 30 دولة. الا أن أبرز الصفقات في إدارة ترامب كانت صفقة بيع مقاتلات أمريكية من طراز F-35 إلى الإمارات العربية المتحدة هو الأكثر إثارة للجدل من بين المستويات القياسية المرتفعة لصادرات الأسلحة الأمريكية المحتملة. وقد عارض الكونغرس أكثر من صفقة لكن مررها الرئيس في النهاية من الاخلال استخدام صلاحية الفيتو. وكان المشرعون قلقين بشكل خاص بشأن مبيعات الأسلحة المخطط لها إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبرر بعض النواب هذا القلق بشأن الحرص على عدم تهديد صفقات السلاح النوعي للخليج للتفوق العسكري النوعي لإسرائيل الا ان مسارات تطبيع علاقات دول الخليج مع إسرائيل قلصت من حدة مخاوف المشرعين الامريكيين. في 10 يونيو من العام الماضي، أرسل 19 عضوًا في الكونغرس أغلبهم ديمقراطيون رسالة إلى وزير الدفاع مارك إسبر ووزير الخارجية مايك بومبيو للتعبير عن مخاوف جدية حول احتمالات انتهاك حقوق الإنسان جراء مبيعات الأسلحة إلى الفلبين ودول أخرى، بما في ذلك مصر والمجر والهند والإمارات العربية المتحدة. وستؤثر سياسات بايدن الجديدة على التغيرات الكبرى المحتملة في تعاقدات الصفقات العسكرية مع دول العالم، وهو ما قد يؤثر على زيادة تجاوب الإدارة الديمقراطية مع مخاوف المشرعين الديمقراطيين الساعين لفرض زيادة قيود على صادرات السلاح المستقبلية خاصة لمناطق النزاع كمنطقة الشرق الأوسط.[6] لكن في المقابل يبدو أن لوبي السلاح الأمريكي قوي جدا في الولايات المتحدة ومؤثر في صناعة القرار وقد يعترض بشكل كبير على عرقلة أي صفقات سلاح مبرمة في عهد ترامب نظرا للاستفادة المالية التي تحققها شركات الصناعات العسكرية الاقتصادية الكبرى ودور هذه الصفقات في خلق فرص عمل للأمريكيين وترابط صناع السلاح مع دوائر القرار الأمريكي[7]. وبالتالي فقد لا تواجه صفقات سلاح لدول الخليج مبرمة في عهد ترامب أي مخاطر جدية لإلغائها، الا أن ذلك لا ينفي احتمال سعي الديمقراطيين لعرقلتها أو فرض قيود أكبر على تمرير اخطارات صفقات أخرى ستنظر فيها إدارة جو بايدن.
ونظرا لدواعي قلق جدي تثير مراكز الفكر الأمريكية حول زيادة دور صادرات السلاح في تأثيرها على السياسة الخارجية الامريكية[8]، زادت مساعي نيابية بدعوى مخاوف استفراد البيت الأبيض بتمرير صفقات سلاح رغم اعترض السلطات التشريعية نحو التفكير في اقتراح تشريعات تقلص من صلاحيات الرئيس مستقبلا في عقد صفقات سلاح خارجية[9] قد تؤثر على الامن والسلم في العالم.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)
الهوامش:
[1] JOE BIDEN AND THE ARAB AMERICAN COMMUNITY: A PLAN FOR PARTNERSHIP, https://joebiden.com/joe-biden-and-the-arab-american-community-a-plan-for-partnership/
[2] JOE BIDEN AND THE ARAB AMERICAN COMMUNITY: A PLAN FOR PARTNERSHIP, https://joebiden.com/joe-biden-and-the-arab-american-community-a-plan-for-partnership/
[3] Jeff Abramson, Process Changes Offered as Arms Sales Rise, ARMS CONTROL TODAY, November 2020, https://www.defensenews.com/congress/2021/01/12/lawsuit-threatens-23b-weapons-sale-to-uae/
[4] Dustin L. Rimmey, Topeka High School , Topeka, KS, US Arms Sales 2019‐2020 Topic Proposal, Proposed to The National Federation Debate Topic Selection Committee, July 2018, https://www.nfhs.org/media/1019426/reduce-arms-sales.pdf
[5] CRS Report, Paul K. Kerr, Arms Sales: Congressional Review Process, RL31675, Congressional Research Service, https://crsreports.congress.gov, RL31675, December 10, 2020, https://fas.org/sgp/crs/weapons/RL31675.pdf
[6] Jeff Abramson, Process Changes Offered as Arms Sales Rise, ARMS CONTROL TODAY, November 2020, https://www.defensenews.com/congress/2021/01/12/lawsuit-threatens-23b-weapons-sale-to-uae/
[7] WILLIAM HARTUNG, Trump Policy and Trends in U.S. Arms Sales,JUNE 21, 2019, https://sites.tufts.edu/reinventingpeace/2019/06/21/trump-policy-and-trends-in-u-s-arms-sales/
[8] A. Trevor Thrall and Caroline Dorminey, Risky Business: The Role of Arms Sales in U.S. Foreign Policy, Policy Analysis No. 836, March 13, 2018, https://www.cato.org/publications/policy-analysis/risky-business-role-arms-sales-us-foreign-policy
[9] Alexandra Stark, Should Congress Play a Role in Arms Sales?, July 26, 2020, https://www.lawfareblog.com/should-congress-play-role-arms-sales