الكويت، 23 يناير 2020 (csrgulf): الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تولى منصبه حديثاً ليس يهوديًا ولا نائبته كامالا هاريس. لكن الاثنين لديهما عائلة كبيرة من الأبناء والأقارب اليهود حضروا التنصيب الرئاسي، فزوجة بايدن والسيدة الأولى لأميركا يهودية وهي نيليا جاكوب بايدن وأبنائها من الرئيس أغلبهم متزوجون بيهود، ولدى بايدن أحفاد يهود. أما هاريس فهي متزوجة من اليهودي دوغ إمهوف الذي أثر سابقاً في حملة الديمقراطيين الرئاسية في جذب أصوات اليهود الأمريكيين وادعى حينها أن ترامب أقل تعاطفاً مع المخاوف اليهودية وأقل تأييدا لإسرائيل في دلالة ضمنية لأنه سيدعم تعاطفا وتأييدا كبيرين أكثر مما قدمه ترامب إزاء اليهود والإسرائيليين. الا ان ذلك لا ينفي توقعات عودة احياء سياسات التناقض التي اعتمدتها فلسفة الرئيس السابق باراك أوباما في التعامل مع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والملفات العربية والعلاقات مع ايران.
لكن بعض التقارير الإسرائيلية تكشف مدى تناقض خطابات الديمقراطيين عبر تجارب عديدة في الانتخابات الرئاسية، حيث عادة ما يقدم المرشحون خطابات حماسية يرفع سقف التعاطف مع تطلعات الناخب واللوبي اليهودي في أمريكا لكن تتراجع نسبة الالتزام في حال وصول الديمقراطيين للبيت الأبيض اذ عادة ما تغلب الأجندة التقديمة على الوفاء بوعود لناخبيهم. ومع تناقص الأغلبية الديمقراطية في مجلسي النواب والشيوخ، قد يواجه بايدن صعوبة في تمرير أجندة السياسة التقدمية في ظل نظام التحالف الإسرائيلي السني الذي عززه ووسعه سلفه دونالد ترامب، وهو ما يقود الى توقعات تقضي باحتمال مواجهة بايدن عقبات في طريقه لإعادة سياسات أوباما في الشرق الأوسط.
وقد أوضح بايدن خلال خطابات سابقة أنه لن يربط المساعدة الأمنية بأي قرارات سياسية تتخذها إسرائيل وأنه بمعية نائبته هاريس سيحافظان على التزامهما غير القابل للكسر بأمن إسرائيل، بما في ذلك التعاون العسكري والاستخباراتي غير المسبوق الذي كان رائداً خلال إدارة أوباما وبايدن والضمان بأن إسرائيل ستحافظ دائمًا على تفوقها العسكري النوعي. وتعهد كل من بايدن وهاريس بتمديد الاتفاق الإيراني والرد على الإجراءات الإيرانية الأخرى المزعزعة للاستقرار.
سر صعود أول امرأة لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
قبل أن تصبح نائبة لرئيس الولايات المتحدة جو بايدن، قطعت كمالا هاريس وعدا على نفسها في أول خطاب لها أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة اختصاراً بـ(أيباك) كعضوة في مجلس الشيوخ وغضوة في لجنة الاستخبارات حينها، وتعهدت أن تكون حماية إسرائيل اهم أولوياتها في جميع الظروف مع الدفع بأميركا للوقوف الى جانبها دائما خاصة في قضايا الصراع مع الفلسطينيين مجرمة حركات المقاومة في غزة بالإشارة الى حركة حماس، ومصطفة مع إسرائيل أيضا في تدخل الأخيرة في شؤون دول أخرى ابرزها دول المقاومة وتحديدا سورية وإيران ولبنان بداعي مقاومة الإرهاب، حيث تعتقد ان ما يجري في سورية وفي مناطق عربية كثيرة لا يعني حراكا ثوريا ضد الأنظمة من اجل الحرية ولكل حركات تمرد تغذيها نزعات تطرف. وتعتقد هاريس كما وصفت في خطابها آنذاك ان حل الصراع مع العرب والفلسطينيين يكمن في حل دولتين بتفاوض سلمي على أساس شروط إسرائيل.
واللافت الى الانتباه مشاركة هاريس لأكثر من مرة في مدة وجيزة في مؤتمرات منظمة (أيباك) والتي كانت تعرف سابقا بالحركة الصهيونية من أجل إسرائيل جديدة، وهو ما يعني حسب بعض التقارير الامريكية اهتمام اللوبي الصهيوني بأفكار هاريس وطموحها الحماسي والمدافع بشدة عن مصالح اليهود في أمريكا وإسرائيل ودول العالم. وقد تكون هاريس بين الأكثر الشخصيات التي نالت دعما سياسيا واعلاميا من اللوبي الصهيوني واليهودي في أمريكا. وتعتبر هاريس من أشد المدافعين عن إسرائيل والسامية من خلال خطاباتها الا ان ذلك لا ينفي وجود تصريحات لها متناقضة خاصة فيما يتعلق بالاستيطان فتارة تدافع عليه وتارة تنتقد اسرائيل.
التقت هاريس بزوجها اليهودي، دوغلاس إمهوف، في سان فرانسيسكو وتزوجا في عام 2014. زارت هاريس إسرائيل في أكثر من مناسبة. في عام 2017، شاركت عشاء يوم السبت مع مجموعة من النشطاء الإسرائيليين، والتقت برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزارت حائط المبكى، والمحكمة العليا وجامعة القدس. وقالت في كلمة ألقتها في إيباك: ” أتذكر باعتزاز الصندوق القومي اليهودي الذي كنا سنستخدمه لجمع التبرعات لزراعة الأشجار في إسرائيل”. “بعد سنوات، عندما زرت إسرائيل لأول مرة، رأيت ثمار هذا الجهد والبراعة الإسرائيلية.” وفي العام نفسه في 2017، أدت هاريس اليمين كعضو في مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة عن ولاية كاليفورنيا. وكانت هاريس عضو في لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية، ولجنة الاستخبارات، ولجنة القضاء، ولجنة الميزانية.
ولم تنفي هاريس في أحد خطاباتها أمام لجنة أيباك أنها في أي منصب ستكون فيه لن تتسامح مع أي هجوم من غزة على الإسرائيليين. وترفض هاريس مبدأ الاملاءات في مسار مفاوضات حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتعتبر أنه لا يمكن تحقيق السلام الدائم إلا من خلال المفاوضات الثنائية التي تحمي هوية إسرائيل وتضمن الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية.
وتعهدت في خطاب أمام أيباك أنها ستفعل كل ما في وسعها لضمان دعم واسع لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها. وتؤيد هاريس الاستيطان حيث شاركت في رعاية قرار لمجلس الشيوخ في 2017 ينتقد رفض الرئيس أوباما استخدام حق النقض ضد قرار يدين سياسات الاستيطان الإسرائيلية. الا ان انتقدت التوسع الاستيطاني أيضا، حيث تعتبر تصريحاتها متناقضة جدا في هذا الموضوع.
وعلى صعيد آخرن تؤيد هاريس جهود توحيد القدس كعاصمة غير مقسّمة لإسرائيل يتم فيها حماية حقوق كل مجموعة عرقية ودينية. وتصر هاريس على أن السلام الدائم لا يمكن أن يتحقق الا اذ اعترف الفلسطينيون صراحةً بإسرائيل باعتبارها دولة يهودية. وتسعى لزيادة تحفيز قادة دول المنطقة العربية للتحرك نحو هدف حل الدولتين على أساس شروط اسرائيلية.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)