- الشأن العربي على الانترنت: المحتوى الرقمي الانجليزي يتفوق على العربي وتأثيرات مقلقة على ادراك المراهقين لهويتهم
- المعلومات عن “العرب” على الانترنت متوفرة باللغة الإنجليزية أكثر من العربية، وتأثيرات مقلقة على تشكل معرفة المراهقين
- مخاوف من زيادة تحريف الحقائق العربية بلغات أجنبية
- الانترنت تحرف معرفة المراهقين بثقافتهم وهويتهم وانتمائهم العربي
- أجيال العرب في المستقبل قد تجهل أصولها التاريخية
الكويت، 28 يناير 2021 (csrgulf): يكشف تقييم أولي للمحتوي الرقمي أن المعلومات المخزنة والمتداولة على الانترنت حول الشؤون العربية أصبحت متاحة باللغة الإنجليزية أكثر من العربية. اذ أن كل عربي متصفح للإنترنت اليوم يجد بيانات عن شؤون العرب وحياتهم وأفكارهم وتاريخهم وكل ما يتعلق بأدبيات العرب القديمة والحديثة باللغات الأجنبية أبرزها الإنجليزية والفرنسية أكثر من اللغة العربية الأم، حيث تفوق المحتوى الرقمي المتاح خاصة باللغة الإنجليزية على المحتوي باللغة العربية فيما يتعلق بالمعلومات والوثائق والكتب المحملة الكترونيا (المؤرشفة على محركات البحث) والمتاحة على الانترنت والتي تختص بالشأن العربي قديماً وحديثاً.
وترجح نتائج أولية لتحليل جزئي لأكثر اللغات البارزة للمحتوى الإلكتروني على الانترنت، قامت به إدارة أبحاث المركز (CSRGULF)، أن تفوق البيانات المتداولة على الانترنت باللغة الإنجليزية حول الشؤون العربية على لغة العرب أنفسهم يمثل دلالة على نقص التحول الرقمي في الدول العربية ومحدودية الإنتاج المعرفي العربي الرقمي وضعف وتيرة الأرشفة الاكترونية خاصة للكتب والوثائق التعليمية. ويجد أغلب الطلاب اليوم وخاصة الباحثين منهم عن مصادر معلومات عن الشأن العربي معلومات متاحة بالإنجليزية أكثر من اللغة العربية، وهو ما يؤشر الى زيادة تأثير المحتوي الإنجليزي واللغات الأخرى على قدرة ادراك العرب المستخدمين للإنترنت لحضارتهم مع رصد زيادة تعرض المراهقين خاصة لدفق المعلومات باللغات المختلفة عن الثقافة والأفكار العربية والتي قد تكون غير دقيقة أو تم التصرف فيها او منقولة بشكل محرف.
وترجح تقديرات المركز أن تؤثر هيمنة المحتوى الرقمي باللغات غير العربية على زيادة تسجيل ظاهرة أمية اللغة العربية بين أجيال العرب في المستقبل مع زيادة رصد العزوف عن استخداماتها الكترونياً خاصة بين المراهقين. وعلى الأرجح أن البحث عن بيانات تخصّ الشأن العربي بات أكثر باللغة الإنجليزية على محركات البحث كـ(غوغل) مدفوعاً بزيادة رغبة الحصول على بيانات أكثر دقة، حيث يسود انطباع بين مستخدمي الإنترنت وحتى بين الباحثين المتخصصين أن المعلومات حول الشأن العربي أكثر دقة وموضوعية باللغات الأجنبية). وتزيد مواقع التواص الاجتماعي من التأثير السلبي على زيادة أمية اللغة العربية وتطبيقاتها بعد رصد ميل كبير للمستخدمين العرب لاعتماد اختصارات ولغات مدمجة بين العامية والإنجليزية والفرنسية.
وتبقى النظرة مقلقة حول تناول الشأن العربي الرقمي بلغات أجنبية وامكانية تأثير ذلك على إعادة تشكل الفكر والهوية والانتماء بين أجيال العرب في المستقبل. ويعتمد جزء كبير من المراهقين الباحثين عن المعرفة المتعلقة بالشأن العربي على الانترنت كمصر رئيس للمعلومات ومنفذ سهل للحصول على الوثائق الأكاديمية والرسمية أو الصحفية.
وتتلخص المخاوف في إمكانية زيادة تأثر الشباب العربي بدفق المعلومات المعروضة باللغة الإنجليزية أو اللغات الأجنبية الأخرى، حيث قد يطال التأثير تدريجياً طريقة تفكير بعضهم ومعالجتهم للشأن العربي ومعرفتهم بحقيقة تاريخهم ومسار الأفكار والموروث الحضاري المتناقل، وهو ما يهدد بوجود اتساع ظاهرة الأمية المعرفية للتاريخ والموروث العربي والفكر الثقافي والديني.
وباتت نسبة كبيرة من مستقبل أجيال العرب المتعلمين تواجه ظاهرة التغريب الثقافي والمعرفي بسبب زيادة رصد آثار التعرض لمصادر المعرفة الافتراضية وتأثيرها على مسار فهم أجيال المستقبل للثوابت العربية في ظل تداول بيانات تنتقد الإرث الفكري والإنساني العربي اكثر من الثناء عليه بالمقارنة مع حجم المحتوى الرقمي الذي يمدح الإرث الإنساني الغربي، وهو ما قد يدفع بعض المراهقين في المستقبل لاحتمال اعتماد نماذج غربية كقدوة مؤثرة في الفكر والسلوك، ومثل هذا المنحى الخطير قد يشكل قطيعة في المستقبل بين الأجيال العربية المستقبلية والأجيال الحالية والقديمة وهو ما يهدد بالتالي توارث نسبة من الأفكار والعادات والتقاليد المحافظة على الهوية واصالة الانتماء. وتواجه الأجيال الرقمية غزوا معلوماتياً من مصادر افتراضية يروج لتبني “ثقافة إنسانية” متداخلة المعايير والقيم التي تدعم ترويجها شركات عالمية ومتعددة الجنسيات حكومية وغير حكومية.
وتشكو المعلومات والوثائق والكتب باللغة العربية ضعف التحول الرقمي لأرشيف المعلومات على الانترنت، حيث أن الحجم الهائل للمعلومات ما يزال ورقياً أكثر منه رقمياً. وماتزال الأرشفة الإلكترونية محدودة في اغلب الدول العربية خاصة محدودة الدخل بسبب نقص ثقافة اعتماد الأرشيف الإلكتروني واتاحته للمستخدمين على الانترنت وما قد يعمق هذه المشكلة استمرار الأمية الإلكترونية في الإدارة في أغلب القطاعات الحكومية العربية وخاصة على مستوى قطاعات الثقافة كالمكتبات والجامعات، بالإضافة الى نقص شديد في ميزانية النهوض بالمحتوي الرقمي العربي على الإنترنت. الى ذلك هناك محدودية للاستثمار الخاص في مجال الثقافة العربية.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (CSRGULF)