– تدهور نسبة الاكسجين في هواء الكويت مؤشر مقلق
– خطة الحزام الأخضر اعتمدت قبل الغزو وبدأ تنفيذها بعد ربع قرن
– أهمية الحزام الشجري للكويت واستدامته
– زيادة المساحات الخضراء في الحزام السكاني وإلزام زيادة التشجير في المناطق العمرانية
– تحتاج الكويت لنحو 4 ملايين شجرة لتلطيف الجو وامتصاص نسبة أكبر من ثاني أكسيد الكربون
الكويت، 16 أغسطس 2021 (csrgulf): حزام شجري حول المدن قد يصبح خياراً اضطرارياً لضمان أكسجين أجيال المستقبل في الكويت المنتج من الأشجار. حيث تحذر مؤشرات بيئية وعلمية مختلفة من تدهور نسبة الاكسجين في هواء الكويت بسبب زيادة تركز ملوثات ناجمة عن انبعاثات غازات الدفيئة. وقد بات الغطاء النباتي والحزام الشجري الحالي عاجزا عن توفير كميات الاكسجين المطلوبة في الهواء في ظل زيادة تركز الغازات الكربونية وانبعاثات الملوثات الغازية الأخرى.
وتعتبر الأشجار والغابات عموما المنتج الأكبر للأكسجين في الهواء بعد أن تقوم تمتص منه غازات الكربون. ونظرا لزيادة تدهور الغطاء النباتي في الكويت بات توفر الاكسجين في الهواء بالمعدلات العالمية المطلوبة مستقبلا في خطر. وباتت حلول دعم التشجير خيار اضطراريا. فلمقاومة سرعة وتيرة زحف التصحر والتغيرات المناخية والارتفاعات المستمرة لدرجات الحرارة التي يفوق تسارعها التوقعات الحكومية تبدو البلاد مضطرة لمضاعفة معدلات التشجير للمساعدة في الوصول إلى هدف إنهاء انبعاثات الكربون تماماً بحلول 2050، وذلك في إطار الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ.
وقد زادت انبعاثات الغازات الكربونية في أجواء الكويت ما يؤثر على جودة الهواء والأكسجين الطبيعي في ظل محدودية غطاء نباتي ومساحات خضراء غير قادرة اليوم على امتصاص حجم غازات الكربون المنبعث.
وتدعم مؤشرات زيادة تلوث الهواء على بوادر تقلص قدرة المناطق الخضراء في الكويت على انتاج الاكسجين وامتصاص غازات ثاني أكسيد الكربون المتركز بمعدلات عالية في الهواء، كما أظهر تقرير استنفاد الكويت بشكل مقلق لأكسجينها المنتح من الغطاء النباتي والشجري. وتجاوزت انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري نسبة %60 سنوياً من البصمة البيئية للبشرية. وقد ارتفع معدل تركيز الملوثات الكربونية في الهواء الكويتي بثلاث مرات عن توصيات منظمة الصحة العالمية[1].
وحسب نتائج الجزء الثالث من دراسة أعدها فريق مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث (csrgulf) حول “زيادة انكشاف الكويت على مخاطر الاحتباس الحراري: المخاطر والتحديات“، فقد تأخرت حكومة الكويت في تطوير خطة استراتيجية ورئيسية لتنمية المساحات الخضراء كانت تهدف لإنجاز مشروع الحزام الأخضر أو “الكويت الخضراء” وهو مشروع قد أعدت أهم ملامحه منذ 1991[2] قبل الغزو مباشرة. وقد تأخر انجاز هذه الاستراتيجية نحو أكثر من 25 عاما لحين إطلاق الكويت رسميا في 2015 مشاريع جديدة تحت شعار “الحزام الأخضر” والتي تقضي بإعداد مناطق مزروعة بأشجار وشجيرات وزيادة المحميات من خلال زراعة 315 ألف شجرة لمسافة 420 كم على طول الخط الحدودي لصد الرمال المتحركة[3]. وكانت أعلنت هيئة الزراعة أيضا عن خطة تهدف إلى زراعة 35 مليون شتلة لإعادة تأهيل الحياة الفطرية الكويتية[4].
الا ان مثل هذه المشاريع قد تكون تأخرت كثيرا بالنظر للتحديات المناخية المتسارعة. وبذلك أهدرت الكويت نحو 30 عاماً دون انجاز هذا المشروع البيئي الحيوي. وتمثل كلفة تأخر إنجازه ضخمة جدا وذات تداعيات خطيرة على حياة الكويتيين على المدى القرب والمتوسط.
وفي حال اعتمدت الحكومة مسار مضاعفة زراعة أشجار تتأقلم مع البيئة الصحراوية يمكن توقع ظهور حزام شجري مع بداية 2040 في شكل واحات أو غابات صغيرة يمكنها أن تساعد على زيادة امتصاص غاز الكربون وتوفير أوكسجين طبيعي وحياة صحية لأجيال الغد.
ورغم قساوة طبيعة مناخ الكويت الحار، الا أن هناك تجارب ناجحة قامت بها دول الجوار في زراعة أشجار تتأقلم مع طبيعة الخليج الحارة. وقد أثبتت تجارب الهيئة العامة لشئون الزراعة والثروة السمكية في الكويت إمكانية تأقلم أنوع من الأشجار مع البيئة الكويتية الحارة. لكن هناك بطء في تعميم نجاح التجربة والمسارعة في التشجير. وضمن خطة الحكومة للتكيف مع المناخ تم تقديم أكثر من 50 نوعًا من الأشجار المخصصة للمساحات الخضراء والتي يمكن أن تقلل من تأثير تغير المناخ، في إطار الخطة الزراعية الرئيسية من قبل معهد الكويت للأبحاث العلمية (KISR) والهيئة العامة للشؤون الزراعية والموارد السمكية(PAAFR).[5]
الى ذلك لا توجد حوافز أو دعم حكومي لحث المجتمع المدني على المشاركة في جهود التشجير بل بقيت مبادرات تشجيع زراعة الأشجار مرتبطة بمبادرات فردية معزولة. ولم تعمل الحكومة أيضا على خلق ثقافة الاهتمام بزراعة النباتات والأشجار بين المواطنين فضلاً عن محدودية اهتمام الاعلام المحلي بالتوعية البيئة اللازمة خاصة زراعة الأشجار. ولم ترتقي الجهود الموصى بها لتثقيف المواطنين وزيادة الوعي العام بشأن عواقب تغير المناخ وأهمية زراعة الأشجار.
وبدل زيادة معدل التشجير تم رصد ظاهرة زيادة تقلص عدد الأشجار في الكويت لأسباب أغلبها مرتبطة بظروف الجفاف المتزايدة وبإزالة الأشجار والشجيرات من اجل التطور والتوسع الحضري والعمراني[6]. ويعاني الغطاء النباتي والحزام الشجري من اجهاد كبير، ورغم غياب احصا رسمي لعدد الأشجار في الكويت الا ان بعض الدراسات تؤكد محدوديتها.
ومالم يتم مضاعفة تشجير الكويت وجعلها صديقة للبيئة في إشارة لتحقيق هدف “الكويت الخضراء” في 2035، فقد تتراجع مؤشرات الحياة الصحية للأجيال القادمة. وتحتاج الكويت لتلطيف الجو وامتصاص نسبة أكبر من ثاني أكسيد الكربون زراعة (من مليون الى 4 ملايين شجرة) على الأقل بالنظر لمحدودية حجمها الجغرافي وحجم الانبعاثات ومعدل الكثافة السكانية. ويعادل حجم الأشجار المطلوبة زراعتها تقريبا تعداد سكان البلاد بواقع شجرة لكل شخص. ومن المهم جدا توفير مساحات لمثل هذه النباتات في المناطق الصحراوية والحدودية وفي الطرق وفي محيط المنازل أو في الحدائق الخاصة والعامة أو في المساحات الخضراء حول الأحياء السكنية أو في مساحات الترفيه الخاصة والعامة أو أمام واجهات الشركات والمؤسسات.
دراسة الواقع البيئي اليوم في الكويت تشير الى تراجع عدد الأشجار وحجم المساحات الخضراء تحت المعدل العالمي المطلوب حيث باتت أجزاء كبيرة من البلاد قاحلة أو تلتهمها مشاريع الاسكان الخاص والحكومي أو استثمارات صناعية وترفيهية مختلفة. ويهدد تدهور الواقع البيئي اليوم ونقص نسبة الغطاء النباتي بشكل مباشر مخزون الأكسجين الطبيعي في البلاد الذي يتنفسه الفرد في الفضاء المفتوح. حيث لا تمتص الأشجار الا نحو أقل من 0.1٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة[7]. ويتم تبرير المستويات المحدودة من امتصاص ثاني أكسيد الكربون بسبب الأعداد الصغيرة نسبيًا من الأشجار المزروعة في جميع أنحاء البلاد.
خطر نقص مخزون الأكسجين الطبيعي في نمو متزايد وسيصبح ملموساً أكثر مع بداية العقد المقبل إذا استمر تراجع دور البيئة الشجرية الكويتية في انتاج الأكسجين وهو ما يمثل تهديداً وجودياً للمواطنين على المدى البعيد.
التوصيات:
توصي الدراسة بأولوية الاستعجال بتهيئة وتوسيع المساحات الخضراء خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية، كما بات الاعتماد على الألواح الشمية لتوليد الطاقة مسار يجب تعميمه خاصة على المباني الحكومية والخاصة. كما تقترح الدراسة تشجيع مبادرات المجتمع المدني لزراعة شجرة أمام كل بيت كشعار تحفيزي رمزي.
كما تبرز أهمية تحفيز الأفكار الإبداعية للحفاظ على البيئة كالقيام بزرع نباتات على أسطح المباني في شكل حدائق والتي قد يكون تعميمها عاملا قد يساعد على تخفيض ولو بنسبة طفيفة لمستويات الانبعاثات الغازية التي يسبب فيها الأفراد.
2021 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] Air quality in Kuwait, Air quality index (AQI) and PM2.5 air pollution in Kuwait, https://www.iqair.com/kuwait
[2] Leipzig, KUWAIT: COUNTRY REPORT TO THE FAO INTERNATIONAL TECHNICAL CONFERENCE ON PLANT GENETIC RESOURCES, 1996, http://www.fao.org/fileadmin/templates/agphome/documents/PGR/SoW1/east/KUWAIT.pdf
[3] Kuwait National Adaptation Plan 2019-2030, Environment Public Authority Kuwait, 2019, https://www4.unfccc.int/sites/NAPC/Documents/Parties/Kuwait%20National%20Adaptation%20Plan%202019-2030.pdf
[4] Public authority of agricultural affairs: “35 million seedlings to rehabilitate wildlife in Kuwait”, 23 MAR 2016
http://www.beatona.net/en/news/public-authority-agricultural-affairs-%E2%80%9C35-million-seedlings-rehabilitate-wildlife-kuwait%E2%80%9D
[5] Kuwait National Adaptation Plan 2019-2030, Environment Public Authority Kuwait, 2019, https://www4.unfccc.int/sites/NAPC/Documents/Parties/Kuwait%20National%20Adaptation%20Plan%202019-2030.pdf
[6] N.J.Edmonds, S.Al-Zaidan, A.Al-Sabah, J.F.Le Quesne, M.J.Devlin, P.I.Davisona, BP.Lyons, Kuwait’s marine biodiversity: Qualitative assessment of indicator habitats and species, Marine Pollution Bulletin, Volume 163, February 2021, 111915, Marine Pollution Bulletin, https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0025326X2031033X
[7] STATE OF KUWAIT Environment Public Authority, Kuwait’s Initial, National Communications under the United Nations Framework, Convention on Climate Change, November 2012, https://unfccc.int/sites/default/files/resource/Kuwait%20INC%20final%20to%20COP.pdf