الكويت، 1 يناير 2024 (csrgulf): لا يبدو أن كارثة تسونامي الطوفانية المدمرة ستبقى حكراً مستقبلاً على منطقة آسيا وتحديدا اندونيسيا أو اليابان التي تعرضت مع بداية هذا العام لزلزال قوي أنتج موجة تسونامي مدمرة.
فمخاطر كارثة تسونامي معرضة لها بعض الدول العربية بشكل جدي وباحتمالات قوية ومؤكدة حتى قبل عام 2050. فدول شمال إفريقيا مثل مصر والجزائر والمغرب وتونس معرضة أكثر من غيرها لموجات التسونامي بسبب تعرضها للنشاط الزلزالي حسب أحدث توقعات مخاطر الكوارث في المنطقة العربية لمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في عام 2020.
التحذيرات من مخاطر تسونامي في الوطن العربي التي أطلقها الخبراء منذ ست سنوات في تونس وخاصة الباحث المصري الراحل احمد بدوي عندما كان رئيسا للمعهد القومي للبحوث الفلكية في مصر، تمت دراسة مدى جديتها وفرضيات حدوثها, حتى جاءت الصدمة من بيان لمنظمة اليونيسكو قبل عامين فقط.
المنظمة في 2022 أكدت جدية مخاطر تعرض الدول العربية وخاصة المطلة على السواحل لتهديد طوفان تسونامي وتحديدا تلك التي لديها تركز عمراني كبير على سواحل البحر الأبيض المتوسط وخليج عدن. ولفتت التوقعات أيضا الى أن دول عربية في شمال افريقيا قد تتعرض بسبب نمو النشاط الزلزالي لمخاطر تسونامي في افق عام 2030.
وتشير توقعات اليونيسكو الى أن فرضية تعرض بعض الدول العربية المطلة على البحر الأبيض المتوسط لمخاطر كارثة تسونامي قد ترتفع الى 100 في المئة خلال الثلاثين عاما المقبلة.
كما أن السواحل الليبية هي أيضا عرضة لخطر تسونامي. ففي حين لم تتعرض قبلاً لتسونامي مسبوق بزلزال قوي، لكن سواحل درنة العام الماضي تعرضت لحادث شبيه متمثل في كارثة عاصفة دانيال التي أغرقت مدينة درنة وأودت بألاف القتلى. كما أن بعض الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن كاليمن معرضة أيضا لخطر تسونامي بسبب النشاط الزلزالي المتصاعد.
وقد تكون مخاطر تسونامي منخفضة في الدول الأفريقية والعربية وحتى الخليجية، ولكنها تتزايد مع إنشاء وبناء المزيد من مشاريع البنى التحتية والاستثمارات على طول السواحل البحرية وخاصة البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن زيادة التوسع العمراني في الجزر الصغيرة وغيرها من المناطق السياحية.
دق ناقوس الخطر، حاز على الإجماع بين خبراء الزلازل في أهم اجتماع لممثلي الدول الأفريقية والعربية بشأن الحد من مخاطر الكوارث في تونس 2018.
خلال ذلك الاجتماع، كشف دينيس تشانغ سينغ، خبير تسونامي في لجنة علوم المحيطات التابعة لليونسكو أنه بين عامي 1966 و2010، عاش حوالي 240 مليون شخص حول البحر الأبيض المتوسط. وفي عام 2010، ارتفع هذا العدد إلى 480 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 637 مليوناً بحلول عام 2025، ولا يشمل هذا الرقم ملايين السياح الذين يزورون المنطقة كل عام والذين سيتعرضون للخطر أيضاً.
وحسب الخبير سينغ، فان خطر تسونامي يتزايد ويمكن للمنطقة العربية أن تتوقع خسائر اقتصادية ضخمة إذا لم يتم وضع أنظمة أفضل للإنذار المبكر إلى جانب تقييمات أكثر منهجية للمخاطر وبرامج توعية لتثقيف المجتمعات حول مخاطر تسونامي.
لقد حدثت موجات تسونامي في الماضي وان اختلفت وتيرة قوتها في البحر المتوسط. وللحد من مخاطر الزلازل والتسونامي في المستقبل هناك دعوة لبناء للحذر من زيادة التركيز العمراني على طول السواحل. فقد اتخذت العديد من البلدان بالفعل إجراءات لتوقع المخاطر المستقبلية والحد من مخاطر التسونامي. الا انه قليل فقط من الدول العربية التي فعّلت أنظمة رصد لخطر تسونامي والأعاصير.
فبالنسبة للدول العربية التي تعتمد على السواحل ضمن اقتصادها كالتجارة، والسياحة أو الصيد البحري أو الترفيه، فهي بأمس الحاجة أولاً إلى حماية السكان الذين يعيشون على السواحل وكذلك اقتصاداتها المعوّلة على البحر.
وقد تكون سلطنة عمان استثناء عربياً في مواجهة مخاطر تسونامي، حيث تتجهز بنظام انذار متطور مع القيام بتطوير برنامج مدرسي للتثقيف والتوعية حول مخاطر التسونامي. أما الكويت فعلى سبيل المثال، فليست هناك معلومات دقيقة حول امتلاكها لمثل هذا النظام والتوعية حول خطر الأعاصير وتسونامي. لكن من اللافت الإشارة الى أهمية التحذير من مخاطر الكوارث الطبيعية كتسونامي على مستقبل المشاريع التنموية خاصة في الجزر الكويتية.
2024 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF