الكويت، 21 يونيو 2023 (csrgulf): بعد زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأخيرة في شهر يونيو الجاري لموسكو واجتماعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتوقيع اتفاقيات مختلفة بهدف تعميق الصداقة والتعاون بين البلدين، برزت تكهنات عديدة حول احتمال زيادة تعويل الجزائر على روسيا من أجل الحصول على دعم لاستكمال تحقيق طموح جزائري قديم يتمثل في امتلاك قدرات نووية وتركيز أول مفاعل نووي في البلاد بالاستفادة من ثروة من اليورانيوم تقدر بنحو 30 ألف طن.
تقارير سابقة اكدت توجه الجزائر لامتلاك قدرات نووية بنهاية العقد الجاري. حيث تراهن أكبر دولة عربية مساحة وبين الأكثر امتلاكاً للطاقة كالغاز والنفط الى الاستثمار في الطاقة النووية وتركيز أول مفاعل نووي لأغراض سلمية بحلول 2029 حسب تقديرات سابقة[1].
الطموح الجزائري لامتلاك الطاقة النووية يعود الى السبعينات[2] لكن تم تأخير تحقيقه لكونهم لم يكن أولوية مطلقة خلال العقود الماضية. وكانت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن في 2007 حققت في نوايا طموحات الجزائر النووية ورغبتها الانضمام لنادي الدول النووية، واعتمدت آنذاك على معلومات استخباراتية من أجل التأكد من عدم وجود نية جدية لتطوير برنامج نووي عسكري بالاستفادة من التقارب مع كل من الصين وروسيا في هذا المجال، لكنها في النهاية لم تستنتج أي تأكيدات حول وجود رغبة جزائرية لامتلاك سلاح نووي[3].
تحقيق هذا الهدف الذي تطمح اليه الحكومة الجزائرية من أجل أغراض سلمية كإنتاج طاقة نظيفة، لا يدخر المسؤولون الجزائريون جهدا في دعم جهود البحث والتطوير والسعي لامتلاك خبرات وتقنيات نووية من أصدقاء الجزائر وحلفائها خاصة الذين يملكون قدرات فائقة في هذا المجال في مقدمتهم الروس.
امتلاك الجزائر لأول مفاعل نووي خلال السنوات المقبلة على الأرجح قد يمهد لتوقع عصر جديد من استخدامات الطاقة النووية في منطقة المغرب العربي، حيث تتطلع الجزائر لإحداث تنمية متعددة المجالات ومعتمدة بنسبة أقل على الطاقة الأحفورية فضلاً عن رغبة جزائرية معلنة في احداث تنمية ونهضة شاملة عبر الانفتاح على الاستثمار في مجالات مختلفة تتطلب تكنولوجيا فائقة.
وبامتلاكها احتياطيات كبيرة من اليورانيوم تناهز نحو 29 ألف طن[4]، تراهن الجزائر على تفعيل صداقتها مع روسيا ودول أخرى في أوروبا على سبيل المثال وحتى الولايات المتحدة بهدف تمكينها من بنية تحتية تمكنها من تطوير تجربتها النووية وتركيز مفاعل نووي لأغراض سلمية مرتبطة بالطاقة. وقد بحث في الآونة الأخيرة مسؤولون جزائريون
في حين تداولت بعض التقارير بعض القلق من مزاعم إمكانية اهتمام الجزائر بالتحول لقوة نووية إقليمية وتعزيزها تفوقها الاستراتيجي في المنطقة، الا ان بعض المنظمات الدولية تستبعد اهتمام الجزائر باي نوايا لامتلاك برنامج نووي عسكري.
يذكر أن الجزائر لا تمتلك برنامج أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية. ومع ذلك، فقد اشترت العديد من أنظمة الصواريخ الباليستية Iskander-E من روسيا. خلال الستينيات، أجرت فرنسا العديد من تجارب الأسلحة النووية على الأراضي الجزائرية. وتدير الجزائر مفاعلين للأبحاث النووية في ظل خطة لبناء مفاعلات للطاقة النووية[5].
وكان استقبل وزير الطاقة والمناجم الجزائري في يونيو الجاري، نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس إدارة التعاون الفني، هوا ليو، لبحث علاقات التعاون بين الجزائر من خلال محافظة (هيئة) الطاقة الذرية الجزائرية والوكالة الدولية، في مجالات استخدامات الطاقة النووية في الأغراض السلمية.
في مارس 2023، نظمت شركة “روساتوم” (ROSATOM) النووية الروسية ومحافظة الطاقة الذرية الجزائرية “كومينا” ورشة عمل مشتركة حول أهمية حلول الطاقة النووية[6]. كان هذا هو الحدث الأول الذي ينظمه الطرفان من اجل بحث دعم تحقق الطموح النووي الجزائري.
يذكر ان الجزائر قد وقعت مع وروسيا في 2014، عدة اتفاقات أهمها اتفاق يتعلق بتطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية، بحسب ما جاء في بيان للحكومة الجزائرية آنذاك. وقد تسرع زيارة الرئيس عبد المجيد تبون الأخيرة لروسيا من وتيرة تحقيق مثل هذا الاتفاق الذي قد يتوج على الارج ببناء اول محطة للطاقة النووية بالجزائر في غضون سنوات قليلة.
وتعمل الجزائر على احداث إصلاحات كبرى مستفيدة من الإمكانيات والثروات المتاحة لتعزيز اقتصاد متنوع الموارد والتقليص على الاعتماد المفرط على النفط.
وتسعى الجزائر لزيادة الانفتاح على محيطها العربي والدولي وتحقيق خطوات فعلية في مسار تحويل الجزائر لقوة إقليمية متكاملة. حيث لا تخفي الجزائر رغبتها في التفوق الإقليمي في مجالات مختلفة. لكن لطالما لمحت قيادة الزائر لحرص بلادهم على دعم السلام العربي والدولي وعدم التدخل في الشؤون الدول الأخرى.
يذكر أن الجزائر تسعى لامتلاك تفوق عسكري من خلال دعم تخصيص الموازنة الجزائرية للعام الجاري نحو 5 مليارات دولار من المقرر استخدامها لتمويل صفقات أسلحة خاصة من روسيا، فلطالما كانت الجزائر مشترٍ رئيسي للأسلحة الروسية[7].
وان أكدت تقارير زيادة تحركات الجزائر لبناء قوة متكاملة عسكريا واقتصاديا، فان ذلك لا يمنع من ملاحظة حفاظ الجزائر تاريخيا على سياسة خارجية مبنية على موقف الحياد ودعم جهود السلام.
2023 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] Economist intelligence report, 2014, Algeria aims to become a nuclear power producer by 2029,
Event, https://country.eiu.com/article.aspx?articleid=1742415758&Country=Algeria&topic=
[2] Algérie : vers le nucléaire… et le vert ?, École de politique appliquée, Faculté des lettres et sciences humaines, Université de Sherbrooke, Québec, Canada, 2021, https://perspective.usherbrooke.ca/bilan/servlet/BMAnalyse/3090
[3] William Burr, The Algerian Nuclear Problem, 1991: Controversy over the Es Salam Nuclear Reactor 1991 Controversy over Algerian Nuclear Reactor Led Washington to Seek Chinese Assistance in Pressing Algiers to Adhere to Nuclear Nonproliferation Goal, National Security Archive, Electronic Briefing Book No. 228, Posted – September 10, 2007, https://nsarchive2.gwu.edu/nukevault/ebb228/index.htm
[4] Algérie : vers le nucléaire… et le vert ?, École de politique appliquée, Faculté des lettres et sciences humaines, Université de Sherbrooke, Québec, Canada, 2021, https://perspective.usherbrooke.ca/bilan/servlet/BMAnalyse/3090
[5] Algeria country nuclear profile, https://www.nti.org/countries/algeria-5/
[6] ROSATOM and Algerian Atomic Energy Commission discussed nuclear energy solutions in a jointly organized workshop in Algeria
15 March, 2023, https://www.rosatom.ru/en/press-centre/news/rosatom-and-algerian-atomic-energy-commission-discussed-nuclear-energy-solutions-in-a-jointly-organi/
[7] Zine Labidine Ghebouli, Algeria’s 2023 budget: President Tebboune’s make-or-break first-term project, March 8, 2023, https://www.mei.edu/publications/algerias-2023-budget-president-tebbounes-make-or-break-first-term-project