الكويت، 26 يونيو 2023 (csrgulf): يستمر تصنيف تونس كأكثر بلد ديمقراطي وحر في العالم العربي رغم التحديات والصعاب. هذا التصنيف دعمته مؤشرات كثيرة أبرزها ارتفاع مؤشر المحاسبة وانفاذ القانون وتراجع الإفلات من العقاب وضمان ممارسة الحريات وفق ما يقتضيه القانون.
التقييم الذي أعده المركز ونشر بعنوان “تصنيف أكثر الديمقراطيات العربية الناشئة” اعتمد دراسة مؤشرات الديمقراطية[1]، والحريات الفردية[2] والعامة والسياسية[3] والإنسانية وبيئة مدركات الفساد[4] بالإضافة الى تقييم ممارسة الحريات والحقوق السياسية وحرية الصحافة وتمكين الأفراد من المشاركة السياسية[5] والوصول الى مراكز اتخاذ القرار مع رصد التفاوت بين الجنسين في العمل السياسي ومدى تمثيل المرأة في المجالس التشريعية وحصولها على حصة متساوية في السلطة السياسية[6].
وحسب تقييم المركز، يستمر البناء الديمقراطي في تونس صلباً مع تحسن وعي الجماهير السياسي وزيادة تداول ثقافة ممارسة الديمقراطية المسؤولة والهادفة. يحدث هذا التطور رغم حملات التشكيك في الواقع الديمقراطي وممارسة الحريات وحق التعبير في البلاد بعد إجراءات تعطيل البرلمان ومؤسسات أخرى في صيف 2021 تبعها لاحقا سن دستور جديد واجراء انتخابات تشريعية جديدة في 2022.
ورغم تراجع زخم عمل ونشاط الأحزاب وانقسامات تعيشها الطبقة السياسية، الا أن حق العمل الحزبي والنقابي وحرية التجمعات في البلاد مستمرة، وكذلك حرية التعبير والصحافة مستمرة، ولم يتم تقييد هذه الحقوق والحريات بأي قوانين جديدة ما عدى تغليظ عقوبة نشر الأخبار الكاذبة والاشاعات. فوق ذلك، يستمر نشاط المعارضة السياسية في البلاد وفق القانون.
بالنسبة لضمانات الحريات المدنية والسياسية واستقلالية المؤسسات خاصة التنفيذية والتشريعية والقضائية وعدم تضارب مصالحها أو صلاحياتها، تتطلع البلاد الى إرساء المحكمة الدستورية كما هو منصوص عليها في الدستور الجديد الذي تم الاستفتاء عليه في 2022.
ورغم انتقادات صادرة من بعض المؤسسات الدولية كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لواقع ممارسة الحريات[7]، بالنظر لإيقاف عدد من الشخصيات السياسية بتهم مختلفة أبرزها الفساد وتهديد الأمن القومي تحقق فيها النيابة ومعروضة على القضاء، يبقى فضاء الحريات متاحاً للجميع حسب تقييم المنظمات الدولية[8]. وقد تتالت تصريحات رسمية في تونس حول استمرار ضمان حق التعبير والحريات السياسية.
لكن هذا لا ينفي وجود مسار تتبعه البلاد نحو مزيد من المحاسبة وتطهير البلاد من الفساد، حيث يحقق القضاء مع شخصيات مختلفة بينها سياسية في تجاوزات في الإدارة والتعدي على القانون والمال العام. لكن المحاسبة تتم حسب توفر ضمانات المحاكمات العادلة كما أكد ذلك مرار الرئيس التونسي قيس سعيد وفق ما يقتضيه القانون. وبالتالي فان قرارات إيقاف البعض وسجنهم، تأتي ضمن تعزز توجه المحاسبة وتعزيز بيئة خالية من الفساد حتى تستكمل البلاد مسار الانتقال الديمقراطي.
وتشن تونس حملة غير مسبوقة على الفساد بكل أنواعه وخاصة الفساد الكبير وتعمل على إعادة هيكلة الدولة من أجل الصالح العام حسب تصريحات مختلفة للرئيس قيس سعيد.
دولة القانون والمؤسسات قائمة وفاعلة
رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية وهشاشة الوضع المالي، تبقى دولة القانون والمؤسسات قائمة وفاعلة مع ظهور نزعة لتعزيز السيادة الوطنية وتقليص التداين الخارجي ومنع التدخل في الشؤون الداخلية. لكن لم تسلم بعض المؤسسات الحكومية من المحاسبة بسبب شبهات فساد طالت بعضها، حيث تعمل الدولة على تطهير البلاد من الفساد، حسب ما يقتضي القانون كما يؤكد مرار الرئيس التونسي.
ولأن حرب تونس على الفساد لا تتعارض مع القيم الديمقراطية والحريات، ظلّت تونس متصدرة في تصنيفات العالم لممارسة الحريات واستقرار فضاءات العمل الديمقراطي[10] كالأحزاب والنقابات والجمعيات، وبذلك تسير البلاد رغم بعض المخاطر في اتجاه مزيد من الاصلاح والتأهيل بهدف استكمال مشروع انتقال ديمقراطي ما يزال يسير ببطء وقد تعدلت بوصلة هدفه ليركز أكثر على تحقيق ارادة الشعب واستعادة هيبة الدولة وسيادتها.
على المستوى العربي، حلّت الكويت في المرتبة الثانية، تليها لبنان، فالأردن، فالمغرب، مع صعود لافت لترتيب موريتانيا[11]. كما استنتج تقييم المركز لمقومات الديمقراطية في العالم العربي تحسنا لممارسة الحريات العامة في دول مجلس التعاون الخليجي[12]. وقد عملت دول في الشرق الأوسط خليجية أبرزها كالكويت والإمارات وقطر والبحرين والسعودية وعمان لتحسين بيئة العمل الديمقراطي الهادف، وذلك من خلال دعم انفاذ القانون وعمل المؤسسات واستقلاليتها وتحسين ظروف العدالة والتقاضي وتعزيز ممارسة حق التعبير وفق ما تقتضيه القوانين الخاصة بكل بلد.
أما المراتب الأخيرة فكانت من نصيب السودان، فاليمن، في حين تذيلت سوريا[13] القائمة وذلك بسبب استمرار المخاوف حول ممارسة الحريات بشكل آمن في ظل تطلع لإعادة اصلاح وهيكلة الممارسة الديمقراطية مستقبلاً.
تقييم المركز استنتج أيضا تراجع فاعلية المجتمع المدني والنقابي في العالم العربي ككل في مجال النهوض بممارسة الحريات والحقوق السياسية. بعض الحكومات تجتهد مع تفاوت واضح من أجل دعم مكاسب الحريات وتعزيز توسيع مشاركة الجنسين وخاصة فئة الشباب في الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية.
بالنسبة لعمل المعارضة السياسية والأحزاب، عملت بعض الحكومات على توفير الفضاء المناسب لعمل التيارات والاحزاب المعارضة والتنافس الحر ولكن في ظل تحديد عمل المعارضة بتحقيق الصالح العام وتجنب اجندات التخريب وتهديد النظام العام.
2023 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراجع:
[1] EI, Democracy Index 2022, https://pages.eiu.com/rs/753-RIQ-438/images/DI-final-version-report.pdf?mkt_tok=NzUzLVJJUS00MzgAAAGMFcqpMQR9AALd3m1uheGXAfMW7A7FiAfNRlSpKVO4POVhVQ5eOkGDoq6jZ4ngEoZaLSYjWKkhZCEp7pBF8IzD9UCXBRp35ed4r61gkxZImV8Pog
[2] Freedom House rates people’s access to political rights and civil liberties, 2022, https://freedomhouse.org/countries/freedom-world/scores; Freedom Index by Country, https://wisevoter.com/country-rankings/freedom-index-by-country/
[3] Cato Institute and the Fraser Institute, The Human Freedom Index 2022, https://www.cato.org/sites/cato.org/files/2023-01/human-freedom-index-2022.pdf
[4] The Global Corruption Index (GCI) 2022, https://risk-indexes.com/global-corruption-index/
[5] EI, Democracy Index 2022, https://pages.eiu.com/rs/753-RIQ-438/images/DI-final-version-report.pdf?mkt_tok=NzUzLVJJUS00MzgAAAGMFcqpMQR9AALd3m1uheGXAfMW7A7FiAfNRlSpKVO4POVhVQ5eOkGDoq6jZ4ngEoZaLSYjWKkhZCEp7pBF8IzD9UCXBRp35ed4r61gkxZImV8Pog
[6] Bastian Herre, This dataset provides information on democracy and human rights, using data from the Varieties of Democracy project (v12), and the Regimes of the World classification by Lührmann et al. (2018), https://ourworldindata.org/regimes-of-the-world-data, https://ourworldindata.org/grapher/women-political-participation
[7] أنظر جدول المؤشرات
[8] أنظر جدول المؤشرات
[9] أنظر جدول المؤشرات
[10]أنظر جدول المؤشرات
[11] أنظر جدول المؤشرات
[12] أنظر جدول المؤشرات
[13] أنظر جدول المؤشرات