كلمة رئيس المركز والنائب السابق بمجلس الأمة الكويتي، الأستاذ، صالح أحمد عاشور
بمناسبة المشاركة في أعمال المؤتمر الاستشاري للقيادات السياسية حول فلسطين (طهران 23 ديسمبر 2023)
بسم الله الرحمان الرحيم،
أما بعد،
في البداية، نعرب عن سعادتنا بدعوتكم لنا للمشاركة في أعمال المؤتمر للمساهمة في بلورة أفكار وتوصيات تدعم نصرة القضية العادلة والمركزية للأمة الإسلامية وهي القضية الفلسطينية،
كما يسعدنا، أيضاً أن نتقدم ببعض الأفكار والتوصيات لإنقاذ استمرار مسيرة المقاومة وبقائها على قيد الحياة كفكرة وثقافة وسلوك، في وقت اجتمع الغرب والصهاينة على تصفية المقاومة المشروعة للغطرسة الغربية والاحتلال الصهيوني.
وهذا المخطط الخطير الذي ينفذ اليوم، ليس لإبادة المقاومة وحركاتها وأبطالها الشرفاء في غزة فقط، بل في العالم الإسلامي والعربي، حيث هناك حملة بل هجمة إعلامية وسياسية غير مسبوقة في الغرب هدفها شيطنة المقاومة ونعتها بالإرهاب، وقد أخصّ بالذكر الاصطفاف الغربي غير المسبوق لتجريم محور المقاومة بأسره و على رأسه، الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدفاعها المشروع عن مقاومة الظلم والاحتلال والابادة التي تقوم بها إسرائيل اليوم بدعم غربي وأميركي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل الذي ينتفض من أجل مطالب عادلة وهي الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال.
ونحن في دولة الكويت، شعباً، وحكومة، أظهرنا تمسكنا الشديد بدعم حق الشعب الفلسطيني في مقاومة العدوان الصهيوني الغاشم والتنديد باحتلاله الجائر للقدس والأقصى التي تمثل بين أهم مقدسات المسلمين.
كما لا يفوتني التذكير بموقف مجلس الأمة الكويتي المندد بالاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في غزة والرافض أيضاً بشكل صريح لمشروع التطبيع بأي شكل من الأشكال.
ومن خلال متابعة المركز لأحداث العدوان الصهيوني والغربي غير المسبوق على غزة وبقية الأراضي المحتلة، رصدنا تضامناً غير مسبوق في المقابل من بعض أثرياء الصهاينة في العالم والشركات الدولية لأجل تمويل مشروع إبادة المقاومة واستهداف كل الدول الداعمة لها، وقد تبين من خلال خطابات قادة الكيان الصهيوني أن هدف العدوان الاسرائيلي يتجاوز تصفية حركة حماس والجهاد الإسلامي فحسب بل يتربص بجميع حركات المقاومة الإسلامية في المنطقة.
وهذا ما يحثنا على الدعوة الى زيادة تعزيز تضامن الشعوب ومنظمات المجتمع المدني والبرلمانات لزيادة رفض خطاب الاقصاء الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين ودعم حركات المقاطعة والممانعة للشركات والبضائع الداعمة للكيان الصهيوني، وزيادة دعم جهود مقاومة مخطط الصهاينة لاحتلال غزة عبر كشف وفضح النوايا الخبيثة للعدوان الذي يخفي رغبته الحقيقية في توسيع مشاريع الاستيطان والتهجير القسري لسكان غزة والتمدد أكثر نحو دول الطوق والتطلع لزيادة لكسب اعتراف العالم العربي والإسلامي من خلال اتفاقيات التطبيع المسمومة.
مخطط أهداف العدوان الهمجي على غزة، لا ينكره حتى الصهاينة، بشهادة قيادات الكيان، حيث أن إبادة حركات المقاومة واحتلال القطاع أو جزء منه، يسّهل إتمام صفقة القرن المشبوهة التي تدعو حسب الإسرائيليين والأميركيين لإقامة دولة فلسطينية منقوصة من عاصمتها القدس وجزء كبير من غزة المحتلة.
الإدارة الأمريكية التي يهيمن عليها الصهاينة تهدف من خلال الترويج لمشاريع التطبيع في المنطقة تحت شعار تحقيق السلام المشبوه، الى ارضاخ الدول الإسلامية والعربية للهيمنة الغربية ولصالح تمدد نفود إسرائيل في المنطقة مقابل بعض الامتيازات الواهمة والتي لا تنفع ازدهار الشعوب بل تحرّض على الانقسامات وضرب وحدة المجتمعات المسلمة.
لقد رصدنا من خلال المركز، حملات إعلامية تقودها مؤسسات اعلامية داعمة للصهيونية وخاصة منصات التواصل الاجتماعي التي تعمل على الترويج للتعايش مع الدولة الصهيونية وتستهدف الشباب المسلم خاصة المدمن على الانترنت، وتحاول تحريف وعيه وتحبيبه في ثقافة التحرر الزائفة وتحريضه على الانسلاخ من القيم والعقيدة الإسلامية وبالتالي ضرب علاقة المسلم بقضاياه المركزية كالقضية الفلسطينية. وهو ما يدعونا كمنابر فكر لفضح هذه المخططات الخطيرة.
ان الكيان الصهيوني يشنّ حملة تزييف وتظليل اعلامي خطيرة من خلال الترويج المسموم لحقائق مظللة عن تاريخ القدس وشرعية الحقوق التاريخية للفلسطينيين في أرضهم، كما تعمل الدعاية الصهيونية على تزييف هوية فلسطين الإسلامية وتحاول طمسها بكل الاشكال من خلال استمرار خطة تهويد القدس. وهو تطور صامت خطير يقوم به الكيان الصهيوني مستغلاً قنواته الدعائية التي للأسف انتشر استخدامها بشكل كبير بين الشباب المسلم.
وهو ما يدعونا للتحذير من هذه الحملات الدعائية التي يسعى من خلالها الكيان الصهيوني ليحصد منها مستقبلاً خضوع الأجيال المسلمة القادمة لمخططات الغرب والتي تراهن على اضعاف الوازع الديني لأجيال المستقبل وتآكل فكر المقاومة ليحل محله فكر التعايش المسموم مع الصهاينة المبني على التسليم والخنوع، وهو ما يجب أن ننبه منه، من منبرنا هذا.
ولقد رصد مركزنا زيادة انتشار صفحات وشعارات على منصات لديها علاقة بالصهاينة تحرّض على الفتنة والتحريض على التقاتل الطائفي بين المسلمين وذلك لمزيد خدمة هدف الكيان الصهيوني في تفتيت المجتمعات المسلمة حتى يسهل إبادة نزعة المقاومة عبر الهائها في الانشغال بصرعات داخلية هامشية وخلافات طائفية ومذهبية. وهو ما يدعونا الى زيادة الدعوة الى وحدة الصف لمقاومة مخططات الفكر الصهيوني.
نحن كمركز، قدمنا الكثير من الدراسات عن مخططات إسرائيل في المنطقة وليس في فلسطين فقط. ونرفق بعضها مع هذه الكلمة.
وقد توصلت أبحاثنا الى بعض الحقائق الخطيرة كالتالي:
– أن ما يحدث في غزة من مظلمة تاريخية وغير مسبوقة ضد الفلسطينيين المسلمين العزل ينذر بعزم الغرب بكل الأشكال والأساليب الاجرامية والمنافية لميثاق الأمم المتحدة وحقوق الانسان على إجهاض فكرة المقاومة حتى لو كلّفهم ذلك إبادة سكان غزة بالكامل.
– أن العدوان الصهيوني على غزة يهدف لاحتلال القطاع والسيطرة الأمنية عليه
– التحذير من فرضية تصفية حركات المقاومة في غزة وما سيترتب عنها من انقلاب جوهري للتوازنات السياسية والاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط بل في العالم الإسلامي ككل. حيث ستنتقل مرحلة الصراع المقبلة خارج غزة لإجهاض بقية قلاع المقاومة.
ومن خلال هذا المنبر يقدم مركزنا بعض التوصيات التالية:
– الدعوة الى مبادرة انشاء جبهة موحدة من المثقفين في العالم الإسلامي مهمتها الأساسية زيادة الترويج لفكرة وثقافة المقاومة ونصرة القدس بين الشعوب المسلمة بطرق مبتكرة وجديدة هدفها تنوير الرأي العام وخاصة الشباب، والهدف الأساسي من ذلك رفض اندثار الفكر المقاوم.
– تعزيز التواصل بين ممثلي المجتمع المدني ومراكز الفكر والاعلام في العالم الإسلامي والعربي من أجل حثهم على زيادة الانخراط في حملة إعلامية مضادة للحملة الغربية المشوهة للمقاومة، وذلك عبر زيادة نشر حقائق تظهر المظلمة الفلسطينية وتدين جرام الكيان المحتل وتثبت الحق الفلسطيني في مطالبته بدولة مستقلة مثل بقية شعوب العالم، على أن يكون المحتوى بلغات مختلفة ويستهدف بالدرجة الأولى الرأي العام الغربي.
– زيادة التزام وسائل الاعلام ومراكز الفكر بكشف ونشر مخططات إسرائيل المستقبلية من وراء مشروع التطبيع، وفضح نوايا الكيان الصهيوني والدول الغربية في إعادة استعمار جديد للدول المسلمة والعربية عبر اضعافها لصالح ضمان تفوق اسرائيل.
– الترويج لنصرة القدس وغزة كشعار موحد لجميع المسلمين سنة وشيعة والتطلع لبناء جبهة شعبية موحدة رافضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني ودعامة لتوسع المقاطعة
– ان اهم أولويات محور المقاومة حسب رأينا هو زيادة رصّ الصفوف والقفز على الخلافات ومعالجة الانشقاقات والتصدعات وزيادة التنسيق المشترك بين الهيئات الحكومية وغير الحكومية لرفض فكرة اجهاض القضية الفلسطينية العادلة ومكافحة الهجمة الإعلامية الغربية الشرسة لشيطنة المقاومة والنضال الفلسطيني من أجل التحرر.
– زيادة تعزيز الانتاج الإعلامي والبحثي عن الحقيقة التاريخية لشرعية النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال.
– تعزيز ادماج فكرة مقاومة الصهيونية في المناهج الدراسية والدينية خاصة لفئة طلاب المدارس الذي يعتبرون الضحية الأولى لهجمة إعلامية غربية من خلال منصات التوصل تهدف لإعادة تحريف وعيهم وضرب قيمهم الاسلامية.
– توسيع إجراءات المقاطعة وتعزيز سياسات الاكتفاء الذاتي والتعاون الإسلامي المشترك
السيد صالح أحمد عاشور
رئيس مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث، الكويت