ملخص تنفيذي
13 ديسمبر 2025 (CSRGULF): تشير مؤشرات عسكرية واستخباراتية متزايدة إلى أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب مواجهة جديدة بين إسرائيل وإيران. فبعد حرب يونيو 2025 القصيرة، لم تُخفِ تل أبيب قناعتها بأن ما جرى كان جولة غير مكتملة، وأن “المهمة” الأساسية – تحجيم القدرات الصاروخية الإيرانية بشكل حاسم – لم تتحقق.
في المقابل، تتعامل طهران مع التصعيد الإسرائيلي على أنه تحريض متعمّد على حرب وشيكة، وتردّ عليه بإعادة ترتيب أولوياتها الدفاعية، واضعة البرنامج الصاروخي في صدارة الاستعداد لمعركة تعتبرها مسألة وقت.1- حرب وشيكة وخطاب إسرائيلي يمهّد للمواجهة
منذ نهاية حرب يونيو، تصاعد الخطاب الإسرائيلي الذي يصف القدرات العسكرية الإيرانية بأنها تهديد وجودي لم يُعالج جذريا.
تحذيرات متكررة من قادة الجيش، وتسريبات إلى لجان الكنيست، وتغطيات إعلامية مركّزة، جميعها تشكّل بيئة سياسية وأمنية تبرّر العودة إلى الخيار العسكري.في التقدير الإسرائيلي، فإن الضربات السابقة عطّلت جزءًا من البنية التحتية الإيرانية، لكنها لم تُنهِ القدرة على الإنتاج
ولم تكسر منطق الردع الصاروخي الإيراني، ومن هنا، تُصوَّر الحرب المقبلة على أنها استكمال لمهمة مؤجلة لا أكثر.
2- المهمة التي لم تُكملها إسرائيل
تتمثل هذه المهمة، وفق القراءة الإسرائيلية، في توجيه ضربة قاصمة للقدرة الصاروخية الإيرانية وشلّ منشآت الإنتاج والتخزين على المدى الطويل، فضلا عن منع طهران من تعويض خسائرها بسرعة.
غير أن المعطيات الميدانية تُظهر أن إسرائيل فشلت في تحقيق هذه الأهداف بالكامل. فبعد ستة أشهر فقط، عادت إيران إلى
الإنتاج الواسع للصواريخ الباليستية، وإعادة تأهيل منشآت استراتيجية دمّرت جزئياً، واختبار منظومات جديدة بمديات ودقة أعلى، وهو ما تعتبره تل أبيب إخفاقًا استراتيجيًا يستوجب جولة جديدة.
3- إيران تقرأ التحريض وتستعد لحرب لا مفرّ منها
في طهران، يُنظر إلى الخطاب الإسرائيلي المتصاعد على أنه تهيئة داخلية وخارجية للحرب، وليس مجرد ضغط سياسي.
لذلك أعادت القيادة العسكرية الإيرانية ترتيب أولوياتها وفق منطق بسيط:إذا كانت الحرب قادمة، فيجب أن تكون كلفتها على إسرائيل غير مسبوقة.
على هذا الأساس، جعلت إيران من البرنامج الصاروخي خط الدفاع الأول، وأداة الردع الأساسية، والرسالة السياسية العسكرية الأوضح
4- تسريع إعادة بناء القوة الصاروخية
تفيد تقارير استخباراتية بأن إيران استأنفت الإنتاج واسع النطاق للصواريخ الباليستية بعد فترة قصيرة من توقفه، معتبرة أن الصواريخ أسرع أداة لتعويض الخسائر، وأقل حساسية دوليا من الملف النووي، وأكثر تأثيراً في ميزان الردع مع إسرائيل
كما بدأت طهران إعادة بناء منشآت رئيسية، مستخدمة في بعض الحالات تقنيات تصنيع أقدم لتجاوز آثار الضربات السابقة وضمان استمرار الإنتاج بوتيرة عالية.
5- مناورات ورسائل: الاستعداد للضربة والرد
بالتوازي مع إعادة الإنتاج، كثّفت إيران مناوراتها العسكرية واختباراتها الصاروخية في الخليج وبحر عُمان ومحيط مضيق هرمز.
وأعلنت عن صواريخ جديدة بمديات تتجاوز طول الخليج العربي، مع قدرات توجيه عالية بعد الإطلاق.هذه التحركات لا تُقرأ في طهران كاستعراض قوة فقط، بل كتحضير عملي لحرب محتملة ورسالة ردع مباشرة لإسرائيل
وتأكيد أن “المهمة” الإسرائيلية، إن استؤنفت، ستُقابل بردّ تدميري واسع.
6- منطق الكلفة: كيف تحاول إيران كسر القرار الإسرائيلي؟
بعد دروس حرب يونيو، خلصت القيادة الإيرانية إلى أن الكمّ الصاروخي قد يكون أكثر ردعًا من النوع وحده في المدى القصير.
الرهان الإيراني يقوم على إغراق الدفاعات الإسرائيلية، رفع كلفة أي ضربة استباقية، وتحويل قرار الحرب إلى مغامرة غير مضمونة النتائج. وهذا المنطق يعكس محاولة إيرانية لفرض معادلة ردع جديدة قبل أن تُقدم إسرائيل على استكمال “مهمتها”.الاستنتاج
تعيش المنطقة لحظة شديدة الهشاشة، حيث تحرّض إسرائيل وتُلمّح إلى حرب جديدة باعتبار أن مهمتها في إيران لم تُستكمل
وإيران تستعدّ على أساس أن المواجهة مقبلة لا محالة بين التحريض والاستعداد، يضيق هامش الخطأ، وتتحول حسابات الردع إلى لعبة خطرة، قد تؤدي أي قراءة خاطئة فيها إلى حرب إقليمية واسعة، تتجاوز أهداف “المهمة غير المكتملة” وتفتح الباب على سيناريوهات يصعب احتواؤها.
2025 © مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث CSRGULF
المراحع:













